الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الأُولى: الحَلِفُ بأسماءِ اللهِ تعالى المُختَصَّةِ به [130] وهي ما لا يَجوزُ أن يَتسَمَّى بها غَيرُه، كاسمِ: اللَّهِ، والرَّحمنِ


يَنعقِدُ الحَلِفُ بأسماءِ اللهِ تعالى المختَصَّةِ به.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكتابِ
1- قولُه تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الإسراء: 110]
2- قولُه تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ [الأعراف: 180]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ أسماءَ الله يُرادُ بها اللهُ تعالى لا شيءٌ سِواه، ولا يَرجِعُ مِن كُلِّ ذلك إلى شَيءٍ غَيرِ اللهِ تعالى [131] ((المحلى)) لابن حزم (6/281).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه أدرَكَ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ في رَكْبٍ وهو يحلِفُ بأبيه، فناداهم رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألَا إنَّ اللهَ يَنهاكم أنْ تَحلِفوا بآبائِكم؛ فمَن كان حالِفًا فلْيَحلِفْ باللهِ، وإلَّا فلْيَصمُتْ )) [132] أخرجه البخاري (6108)، ومسلم (1646).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه: ((فلْيَحلِفْ باللهِ)) ليس المرادُ هذا اللَّفظَ بخُصوصِه (الله)، بل كلُّ ما أُطلِقَ عليه تعالى من أسمائِه الحُسنى وصِفاتِه العُليا يَنعَقِدُ الحَلِفُ به [133] ((طرح التثريب)) للعراقي (7/154).
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على انعقادِ الحَلِفِ بأسماءِ الله تعالى: ابنُ رُشدٍ [134] قال ابنُ رشدٍ: (الذين قالوا: إنَّ الأيمانَ المباحةَ هي الأيمانُ باللهِ اتَّفَقوا على إباحةِ الأيمانِ التي بأسمائِه). ((بداية المجتهد)) (2/170). ، وابنُ قُدامةَ [135] قال ابنُ قُدامةَ: (قال ابنُ المنذِرِ: وكان مالِكٌ، والشَّافعيُّ، وأبو عُبيدٍ، وأبو ثَورٍ، وأصحابُ الرَّأيِ، يقولون: مَن حَلَف باسمٍ مِن أسماءِ اللهِ تعالى، فحَنِثَ: أنَّ عليه الكفَّارةَ، ولا نعلَمُ في هذا خلافًا إذا كان من أسماءِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، التي لا يُسمَّى بها سِواه). ((المغني)) (9/498). ، والنَّوويُّ [136] قال النَّوَويُّ: (في هذا الحديثِ إباحةُ الحَلِفِ بالله تعالى وصِفاتِه كُلِّها، وهذا مُجمَعٌ عليه). ((شرح صحيح مسلم)) (11/106). ، وابنُ تيميَّةَ [137] قال ابنُ تيميَّةَ: (فأمَّا «الأوَّلُ» فهو الحَلِفُ بالله، فهذه يمينٌ مُنعَقِدةٌ مُكَفَّرةٌ، بالكتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ). ((مجموع الفتاوى)) (33/47). ، وابنُ حَجَرٍ [138] قال ابنُ حَجَرٍ: (اتَّفق الفُقَهاءُ على أنَّ اليمينَ تنعَقِدُ باللهِ، وذاتِه، وصِفاتِه العَلِيَّةِ). ((فتح الباري)) (11/531). ، ونَقَل الإجماعَ على أنَّ عليه الكفَّارةَ إذا حَنِثَ: ابنُ المنذِرِ [139] قال ابنُ المنذِرِ: (أجمَعوا على أنَّه مَن قال: واللهِ، أو باللهِ، أو تاللهِ، فحَنِثَ: أنَّ عليه الكفَّارةَ). ((الإجماع)) (156). ويُنظر: ((الأوسط)) لابن المنذر (12/93). ، وابنُ عبدِ البَرِّ [140] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (فالذي أجمع عليه العُلَماءُ في هذا البابِ: هو أنَّه مَن حَلَف باللهِ، أو باسِمٍ مِن أسماءِ اللهِ، أو بصفةٍ مِن صفاتِه، أو بالقرآنِ، أو بشيءٍ منه، فحَنِثَ: فعليه كفَّارةُ يمينٍ). ((التمهيد)) (14/369).

انظر أيضا: