الموسوعة الفقهية

الفَصلُ الثَّالِثُ: التَّسويةُ في الهِبةِ بينَ الزَّوجاتِ


يجِبُ التَّسويةُ في الهِبةِ والعَطيَّةِ بينَ الزَّوجاِت، نصَّ على ذلك ابنُ باز [1484]   قال ابن باز: (إذا كان المقصودُ تمليكَهم فلا بُدَّ مِن المساواةِ والعَدلِ؛ يُعطي الزَّوجاتِ على السَّواءِ، ويُعطي الأولادَ على السَّواِء؛ للذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيين، يعطي الذَّكَرَ مِثلَ الأُنثى مرَّتينِ، وكلُّ زوجةٍ يُساويها بالأخرى، حتى يعدِلَ بينهم؛ لأنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: «اتَّقوا اللهَ واعدِلوا بينَ أولادِكم»، ويقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَن كانت له امرأتانِ فمال إلى إحداهما، جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائِلٌ»، فالحاصِلُ أنَّ عليه العَدلَ حَسَبَ الطَّاقةِ، في زوجاتِه وفي أولادِه، إذا كان عطاءَ تمليكٍ). ((فتاوى نور على الدرب)) (21/355). وقال: (لا مانَعَ أن تُعطيَ الزَّوجةَ في صِحَّتِك شَيئًا مِن مالِك في مقابِلِ عِشرتِها ومُعامَلتِها الطَّيبةِ، وإذا كان لك زوجةٌ أخرى تُعطيها مِثلَها). ((فتاوى نور على الدرب)) (19/401). ، وابنُ عُثيمين [1485]   قال ابنُ عثيمين: (يتحقَّقُ العَدلُ بين الزَّوجاتِ بألَّا تُعامِلَ إحداهنَّ مُعاملةً تختَلِفُ عن الأخرى فيما أنت تملِكُه وتستطيعُه؛ فلا تعطِ مثلًا هذه عشرةً، والأخرى عشرينَ، أو هذه ثوبًا جميلًا، والأخرى ثوبًا وسَطًا، أو أن تعطيَ هذه حُلِيًّا، والأخرى لا تعطيها، أو تُلينَ الجانبَ لهذه والأخرى لا تلينَه لها؛ فكُلُّ شَيءٍ تستطيعُ أن تقومَ به من العَدلِ فإنَّ مَيلَك إلى إحداهنَّ يُعتَبَرُ جورًا وظُلمًا، وتُعتَبَرُ مُعَرِّضًا نفسَك للعقوبة التي ذكرَها رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أمَّا ما لا يدخُلُ تحتَ وُسعِك من محبَّةِ القَلبِ والميلِ القَلبيِّ، وما ينتج عن ذلك مِن مُعاشرةٍ حالَ الجماعِ ونحوِه؛ فهذا أمرٌ ليس بوُسعِك). ((فتاوى نور على الدرب)) (10/263). وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [1486]   جاء في فتاوى اللَّجنةِ الَّدائِمةِ: (من كان له زوجتانِ فأكثَرَ فإنَّه يجِبُ عليه أن يعدِلَ بينهنَّ، ولا يحِلُّ له أن يخُصَّ إحدى زوجاتِه بشَيءٍ دون الأخرى... فإذا وهب لإحدى زوجاتِه دارًا ونحوَها، وجب عليه أن يُسَوِّيَ بين زوجاتِه في ذلك، فيُعطيَ كلَّ واحدةٍ مِثلَ ذلك أو قيمتَه، إلَّا أن تسمَحَ الزَّوجةُ الثانيةُ في ذلك). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (16/191).
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن أبي هُريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من كانت له امرأتانِ يَميلُ لإحداهما على الأُخرى، جاء يومَ القيامةِ وأحَدُ شِقَّيه ساقِطٌ )) [1487]   أخرجه أبو داود (2133)، والترمذي (1141)، والنسائي (3942)، وابن ماجه (1969)، وأحمد (8568) واللفظ له. قال ابن عَدِيٍّ في ((الكامل في الضعفاء)) (8/446): مستقيم. وصَحَّح إسنادَه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/185)، وابن حجر في ((بلوغ المرام)) (315)، وأحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (15/78)، وصحَّح الحديث ابن دقيق في ((الاقتراح)) (92)، وابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (21/355)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2133).
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ فيه دليلٌ على توكيدِ وُجوبِ العَدلِ بينَ الضَّرائرِ، وأنَّه يَحرُمُ مَيلُ الزَّوجِ لإحداهُنَّ مَيلًا يكونُ معه بَخسٌ لحَقِّ الأُخرى، دونَ مَيلِ القُلوبِ [1488]   ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (16/190).

انظر أيضا: