الموسوعة الفقهية

الفَصلُ الثَّاني: الوَقفُ على الذُّرِّيَّةِ


إذا أُطلِقَ الوَقفُ على الذُّرِّيَّةِ دَخَل فيه أولادُ البَنينَ بالإجماعِ [1384]   قال أبو الفرج شمسُ الدين ابن قدامة: (إن وَقَف على عَقِبِه أو وَلَدِ وَلَدِه، أو ذُرِّيَّتِه أو نَسلِه؛ دخل فيه ولدُ البَنينَ بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه). ((الشرح الكبير على متن المقنع)) (6/222). وقال المرداوي: (قولُه: «وإنْ وَقَف على عَقِبِه أو ولَدِ وَلَدِه أو ذُرِّيَّتِه؛ دخل فيه ولَدُ البَنينَ بلا نزاعٍ في عَقِبِه أو ذُرِّيَّتِه»). ((الإنصاف)) (7/60). ، واختَلَفوا في دُخولِ أولادِ البناتِ؛ على قَولَينِ:القول الأول: إذا أُطلِقَ الوَقفُ على الذُّرِّيَّةِ دخَل فيه أولادُ البناتِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة [1385]   ((حاشية ابن عابدين)) (4/463). ، والمالِكيَّةِ [1386]   ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (7/161)، ((منح الجليل)) لعليش (8/157). ، والشَّافِعيَّةِ [1387]   ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 169)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/266). ، وقَولٌ للحَنابِلةِ قوَّاه شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ [1388]   قال شمس الدين ابن قدامة: (قال أبو بكر، وابن حامد: يدخُلُ فيه ولَدُ البناتِ، وهو مذهَبُ الشافعي، وأبي يوسف... والقولُ بأنَّهم يدخُلونَ يَصِحُّ، وأقوى دليلًا؛ لأنَّهم أولادُ أولادِه حَقيقةً). ((الشرح الكبير)) (6/224). ويُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/287).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قَولُه تعالى: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ [الأنعام: 83-85]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى ذكَرَ عيسى مِن ذُرِّيَّةِ إبراهيمَ، وهو وَلَدُ بِنْتِه مريمَ، يُنسَبُ إليه عن طريقِها [1389]   ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/335)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (6/223)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/287).
2- بعد أن ذَكَر اللهُ تعالى قِصَّةَ إبراهيمَ وعيسى وموسى وإسماعيلَ وإدريسَ، قال: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ [مريم: 58] ، وعيسى معهم [1390]   ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (6/223).
3- قَولُه تعالى: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ [النساء: 23]
وَجهُ الدَّلالةِ:
لَمَّا قال الله تعالى: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ دخل في التَّحريمِ حلائِلُ أبناءِ البَناتِ [1391]   ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (6/223).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحَسَنِ بنِ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، وهو ولَدُ بِنْتِه فاطِمةَ [1392]   ((المغني)) لابن قدامة (6/16). : ((إنَّ ابني هذا سَيِّدٌ... )) [1393]   أخرجه البخاري (2704).
ثالثًا: لِتناوُلِ لَفظِ الذُّرِّيَّةِ وَلَدَ البِنتِ [1394]   ((منح الجليل)) لعليش (8/157)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/266). القول الثاني: إذا أُطلِقَ الوَقفُ على الذُّرِّيَّةِ فلا يدخُلُ فيه أولادُ البناتِ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلة [1395]   عند الحَنابِلةِ: إذا أوقَفَ على ذريَّتِه لا يدخُلُ فيه ولَدُ البناتِ بغيرِ قَرينةٍ. ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/287). ، وقَولٌ للمَالكيَّةِ [1396]   ((التاج والإكليل)) للمواق (6/44)، ((منح الجليل)) لعليش (8/157). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين [1397]   قال ابن عثيمين: (أولادُ البناتِ لا يَدخُلونَ في الوَقفِ على الأولادِ، والدَّليلُ مِنَ القرآنِ ومِن اللُّغةِ). ((الشرح الممتع)) (11/45).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ:
قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 11]
ثانيًا: أنَّه مُقتضى العُرفِ واللُّغةِ، كما قال الشَّاعِرُ:
بَنُونا بَنُو أبنائِنا وبَناتُنا [ بنوهُنَّ أبناءُ الرِّجالِ الأباعِدِ [1398]   ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (11/45). ]
 ثالثًا: لأنَّهم لا يَنتَسِبونَ إليه [1399]   ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/287).

انظر أيضا: