الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: عَدَمُ تكليفِ الخادِمِ ما لا يُطيقُ


مِن حَقِّ الخادِمِ على المخدومِ ألَّا يُكَلِّفَه مِنَ العَمَلِ ما لا يُطيقُ [1367]   قال ابنُ عُثيمين: (الكَلِمةُ التي أوجِّهُها لِمَن يُعامِلونَ الخَدَمَ أو غيرَهم مِن مَكفوليهم بقَسوةٍ هي: أن أذَكِّرَهم بأنَّ الله تبارك وتعالى فوقَ الجميعِ، وأذَكِّرَهم بقَولِ الله تبارك وتعالى في قِصَّةِ النِّساءِ النَّاشِزاتِ على أزواجِهنَّ: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء: 34] ، وأذكِّرَهم بأنَّه لا يُدرى فلعَلَّ الأيامَ تنقَلِبُ ويكونُ هؤلاء السَّادةُ خَدَمًا لِغَيرِهم، أو يكونُ أحدٌ مِن ذُرِّيَّتِهم خَدمًا لِغَيرِهم، فيُعامَلونَ بما يُعامِلُ به هؤلاء لهؤلاء الخَدَمِ! فلْيتَّقوا اللهَ تعالى ولْيَخافوه ولْيَرحَموا إخوانَهم؛ فإنَّ الرَّاحمينَ يرحَمُهم اللهُ). ((فتاوى نور على الدرب)) (12/384).
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن المعرورِ بنِ سُوَيدٍ قال: ((لقيتُ أبا ذرٍّ بالرَّبَذةِ، وعليه حُلَّةٌ وعلى غُلامِه حُلَّةٌ، فسألتُه عن ذلك، فقال: إنِّي سابَبْتُ رجلًا فعَيَّرْتُه بأمِّه، فقال لي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا أبا ذرٍّ أعيَّرْتَه بأمِّه؟! إنَّك امْرُوٌ فيك جاهليَّةٌ! إخوانُكم خَوَلُكم [1368]   أي: خَدَمُكم أو عَبيدُكم الذين يتخوَّلونَ الأمورَ، أي: يُصلِحونَها. يُنظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (1/ 116). ، جعلَهم اللهُ تحتَ أيديكم، فمَن كان أخوه تحتَ يدِه، فلْيُطعِمْه ممَّا يأكُلُ، ولْيُلْبِسْه ممَّا يَلبَسُ، ولا تُكلِّفوهم ما يَغلِبُهم، فإن كلَّفتُموهم فأعينُوهم )) [1369]   رواه البخاري (30)، ومسلم (1661).
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((ولا تكَلِّفوهم ما يَغلِبُهم)) تحريمُ تَكليفِ العَبدِ ما لا يُطيقُ، ويُلحَقُ بالعبدِ الأجيرُ والخادِمُ [1370]   ((كوثر المعاني)) لمحمد الخضر الشنقيطي (2/120).
2- عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((للمَملوكِ طعامُهُ وكِسْوتُه، ولا يُكَلَّفُ مِنَ العَمَلِ إلَّا ما يُطيقُ )) [1371]   رواه مسلم (1662).
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((ولا يُكَلَّفُ مِنَ العَمَلِ إلَّا ما يُطيقُ)) عدَمُ تكليفِ العَبدِ ما يَعجِزُ عنه، ويلتَحِقُ به الخادِمُ والأجيرُ وغيرُهما [1372]   ((إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (5/434)، ((شرح المشكاة)) للطِّيِبي (7/2378)، ((فتح الباري)) لابن حجر (5/175).




انظر أيضا: