الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الرابع: نُشوزُ الزَّوج


إن خافتِ الزَّوجةُ نُشوزَ زَوجِها [1222]   يعني: استعلاءً بنَفسِه عنها إلى غيرِها أثَرةً عليها وارتفاعًا عنها؛ إمَّا لبِغْضَةٍ وإمَّا لكراهةٍ منه بعضَ أسبابِها، كدمامتِها، أو كِبَرِ سِنِّها، أو غير ذلك. يُنظر: ((تفسير الطبري)) ( 9/267). وإعراضَه [1223]   يعني: انصرافًا عنها بوَجهِه أو ببعضِ منافِعِه التي كانت لها منه. يُنظر: ((تفسير الطبري)) (9/268). عنها، وخَشِيت مُفارَقتَه لها؛ فلها أنْ تَسترضيَه بإسقاطِ حُقوقِها  كُلِّها أو بَعضِها [1224]   ولا شيءَ على الزَّوجِ إن كان لا يمنَعُها حَقًّا، ولا يؤذيها بضَربٍ ونحوه. ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [1225]   ((المبسوط)) للسرخسي (5/192). ، والمالكيَّةِ [1226]   وعندهم يجبُ عليه أن يفارِقَها إذا كان النشوزُ مِن قِبَلِه، ولم ترْضَ ذلك مِن فِعلِه، إلَّا أن يصطَلِحا. ((المدونة)) لسحنون (2/241)، ((المقدمات الممهدات)) لابن رشد الجد (1/556). ، والشَّافعيَّةِ [1227]   ((روضة الطالبين)) للنووي (7/370). ، والحَنابِلةِ [1228]   ((الإقناع)) للحجاوي (3/252)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/211).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا [النساء: 128]
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الآيةِ دَليلٌ على وُقوعِ النُّشوزِ مِنَ الزَّوجِ كما يقَعُ مِنَ الزَّوجةِ، ونَدْبِ كُلٍّ منهما إلى إسقاطِ بَعضِ الحُقوقِ؛ لِدَيمومةِ الحياةِ الزَّوجيَّةِ [1229]   ((أحكام القرآن)) للكيا الهراسي (2/500)، ((تفسير ابن جزي)) (1/211)، ((تيسير البيان لأحكام القرآن)) لابن نور الدين الخطيب (3/37).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائِشةَ رَضِيَ الله عنها في هذه الآيةِ: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا [النساء: 128] ، قالت: ((الرجُلُ تكونُ عنده المرأةُ ليس بمُستكثِرٍ منها، يريدُ أن يُفارِقَها، فتقولُ: أجْعَلُك مِن شأني في حِلٍّ، فنَزَلت هذه الآيةُ في ذلك )) [1230]   رواه البخاري (2450)، ومسلم (3021).



 

انظر أيضا: