الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الثَّاني: من حقوق الزوجة: حُسنُ العِشرةِ


يجِبُ على الرَّجُلِ حُسنُ مُعاشَرتِه لامرأتِه بالمعروفِ، نصَّ على ذلك فُقَهاءُ الشَّافعيَّةِ [1130]   ((الأم)) للشافعي (5/93). ويُنظر: ((التهذيب في فقه الإمام الشافعي)) للبغوي (5/530)، ((المجموع شرح المهذب – تكملة المطيعي)) (16/411، 414). ، والحَنابلةِ [1131]   ((الكافي)) لابن قدامة (3/81)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/40). ، واختاره ابنُ حَزمٍ الظَّاهِريُّ [1132]   قال ابنُ حزم: (الإحسانُ إلى النِّساءِ فَرضٌ). ((المحلى)) (9/224). ، وابنُ باز [1133]   قال ابن باز: (الواجِبُ المعاشَرةُ بالمعروفِ بينهما جميعًا، ولها مِثلُ الذي عليها بالمعروفِ، والعشرةُ الطيِّبةُ على الزَّوجِ؛ وهو يُعاشِرُها عِشرةً طيِّبةً، وهي تعاشِرُه عِشرةً طَيِّبةً، وليس لها أن تَعصيَه في المعروفِ، وليس له أيضًا أن يؤذيَها أو يظلِمَها، بل يعاشِرُها بالمعروفِ مِن جهة الخُلُقِ، والكلامِ الطَّيِّبِ، والعَمَلِ الطَّيِّبِ، والإنفاقِ عليها كما شرع الله، وعدمِ الشِّدَّةِ وعدمِ العُنف، وعدمِ الانتهارِ في وَجهِها، وعدمِ الغَضَب، ويعامِلُها معاملةً طَيِّبةً، باللِّينِ واللُّطف والبَشاشة، والكلامِ الطَّيِّبِ، وهي عليها كذلك أن تبادِلَه ذلك، مع السَّمعِ والطَّاعةِ في المعروفِ، وليس لها أن تَعصيَه في المعروفِ). ((فتاوى نور على الدرب)) (21/247). ، وابنُ عثيمين [1134]   قال ابنُ عثيمين: (يجِبُ على كلٍّ مِن الزوجين أن يعاشِرَ الآخَرَ بالمعروفِ؛ لقول اللهِ تبارك وتعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] ، فيجبُ على المرأة أن تعاشِرَ زَوجَها بالمعروفِ، وأن تقومَ بحَقِّه بقدرِ الاستطاعةِ، ويجِبُ على الزَّوجِ كذلك أن يعاشِرَ زَوجتَه بالمعروفِ، وأن يتقيَ الله فيها كما أوصى بذلك النبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم في حَجَّةِ الوداعِ في أكبر مَجمعٍ إسلاميٍّ، قال: «اتَّقوا اللهَ في النِّساءِ؛ فإنَّكم أخذتموهنَّ بأمانِ اللهِ، واستحللتُم فروجَهنَّ بكَلمةِ الله»، فأوصى النَّاسَ وقال: «استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا؛ فإنهنَّ خُلِقنَ مِن ضِلَعٍ»، وقال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «اتَّقوا اللهَ في النِّساءِ؛ فإنَّهنَّ عَوانٍ عندكم» والعواني: جمعُ عانيةٍ، والعانيةُ هي الأسيرةُ، يعني: بمنزلةِ الأسير. فالواجِبُ على كلٍّ مِن الزوجين أن يقومَ بما أوجب اللهُ عليه من العِشرةِ الحَسَنةِ، وألَّا يتسَلَّطَ الزوجُ على الزَّوجةِ؛ لِكَونِه أعلى منها، وكونِ أمرِها بيدِه، وكذلك للزَّوجةِ؛ لا يجوز أن تترفَّعَ على الزَّوجِ، بل على كلٍّ منهما أن يعاشِرَ الآخَرَ بالمعروفِ). ((لقاء الباب المفتوح)) اللقاء رقم (159). ، وبه أفتت اللَّجنةُ الدَّائمةُ [1135]   جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (الشريعةُ الإسلاميَّةُ قد جاءت بتكريمِ المرأة، والرَّفعِ مِن شأنِها، وإحلالِها المكانَ اللَّائِقَ بها؛ رعايةً لها، وحِفظًا لكرامتِها، فأوجبت على وليِّها وزوجِها الإنفاقَ عليها، وحُسنَ كفالتِها، ورعايةَ أمرِها، ومعاشرتَها المعاشَرةَ الحَسَنةَ؛ قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وثبت أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي»). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (17/6). وجاء فيها أيضًا: (يجِبُ عليكِ وعلى زوجِكِ مُعاشرةُ كُلِّ واحدٍ منكما صاحِبَه بالمعروفِ، والكلامِ الطَّيِّبِ، والإحسانِ إلى صاحِبِه بالقَولِ والفِعلِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (19/235).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء: 19]  
2- قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [1136]   قال الطبري: (اختلف أهلُ التأويلِ في تأويل ذلك، فقال بعضُهم: تأويلُه: ولهُنَّ من حُسنِ الصُّحبةِ والعِشرةِ بالمعروفِ على أزواجِهنَّ مِثلُ الذي عليهنَّ لهم من الطاعةِ، فيما أوجبَ الله تعالى ذِكرُه له عليها). ((تفسير الطبري)) (4/119). [البقرة: 228]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي)) [1137]   أخرجه الترمذي (3895)، وابن حبان (4177) واللفظ لهما، والبيهقي (16117) مختصرًا. قال الترمذي: حسن غريب صحيح. وصحَّح إسناده الطبري في ((مسند عمر)) (1/408)، وصحَّحه الشوكاني في ((فتح القدير)) (1/635)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3895)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1616) وقال: على شرط الشَّيخينِ، ويُنظَر مَن أرسَلَه.
2- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((استوصوا بالنِّساءِ؛ فإنَّ المرأةَ خُلِقَت مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعلاه، فإنْ ذهَبتَ تُقيمُه كسَرْتَه، وإن تركْتَه لم يَزَلْ أعوَجَ؛ فاستوصوا بالنِّساءِ )) [1138]   أخرجه البخاري (3331) واللفظ له، ومسلم (1468).

انظر أيضا: