الموسوعة الفقهية

المبحث الثالث: حُكم صيام الجنُب


يصحُّ الصَّومُ مِن الجنُب وهذا يُتصوَّر مثلًا فيمَن أدرَكَه الفجر وهو لم يغتسِلْ بعدُ من الجَنابة من جِماعٍ أو احتلامٍ، أو احتلم أثناءَ النَّهار وهو صائِمٌ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قَولُ الله تعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة: 187]
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الجِماع مباحٌ في رمضانَ إلى طلوعِ الفجْرِ، وإذا جامَعَ قبل طلوعِ الفجْرِ، فإنَّه يستلزِمُ أن يطلُعَ الفجرُ عليه وهو جنُبٌ.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن عائشةَ وأمِّ سلمةَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُدرِكُه الفجرُ وهو جنُبٌ مِن أهلِه، ثمَّ يغتسلُ ويصومُ )) رواه البخاري (1925) واللفظ له، ومسلم (1109).
ثالثًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ العربيِّ قال ابنُ العربي: (إذا جوَّزنا له الوطءَ قَبل الفَجرِ، ففي ذلك دليلٌ على جوازِ طُلوعِ الفَجرِ عليه وهو جنُبٌ; وذلك جائز إجماعًا، وقد كان وقع فيه بين الصَّحابةِ- رضوانُ الله عليهم أجمعين- كلامٌ، ثم استقرَّ الأمرُ على أنَّه مَن أصبَحَ جُنبًا، فإنَّ صومَه صحيحٌ). ((أحكام القرآن)) (1/134). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أجمع أهلُ هذه الأمصارِ على صحَّةِ صَومِ الجُنُب، سواءٌ كان مِن احتلامٍ أو جِماعٍ). ((شرح النووي على مسلم)) (7/222). ، وابنُ حجر قال ابن حجر: (فقد يحتلِمُ بالنَّهار، فيجِبُ عليه الغُسلُ، ولا يحرُمُ عليه [الصَّوم]، بل يُتمُّ صومَه إجماعًا، فكذلك إذا احتلَم ليلًا، بل هو من بابِ الأَوْلى). ((فتح الباري)) (4/148).

انظر أيضا: