الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: نفقة الزَّوجة العامِلة


لا تَسقُطُ النَّفَقةُ على المرأةِ العامِلةِ إذا شُرِطَ على الزَّوجِ قبلَ الزَّواجِ أن تَعمَلَ، وتجِبُ النَّفَقةُ عليه [935]     وهذا مبنيٌّ على أنَّ الأصلُ في الشُّروطِ في النِّكاحِ الحِلُّ والصِّحَّةُ إلَّا ما قام الدَّليلُ على مَنعِه. يُنظر: (كتاب النكاح - الفصل الأول من الباب الرابع). ، قاله ابنُ باز [936]     ورد إلى ابنِ باز السُّؤالُ التالي: عند الزَّواجِ اشتَرَط والدي على زوجي، وكتب شروطًا في العَقدِ أن أُكمِلَ دراستي العُليا، وعلى أنِّي أشتَغِلُ قبل وبعد الدراسةِ، ووافق الزَّوجُ على ذلك، فأجاب: (الموافَقةُ من الزَّوج على تكميلِك الدِّراسةَ لا تُسقِطُ عنه النَّفَقةَ؛ عليه نَفَقةُ البيتِ ونَفقَتُك. ومالُك لكِ، لكِنْ إذا سَمَحتِ بالمعاشِ أو بَعضِه للزَّوجِ، أو نَفَقةِ البيتِ، أو بالنَّفَقةِ على نَفسِكِ، فلا بأسَ؛ لأنَّ الله يقولُ سُبحانَه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء: 4] يعني: الزَّوجةَ، فإذا سَمَحْتِ فهو أحسَنُ حتى تبقى العِشرةُ بينكما، والمودةُ بينكما، فإذا ساعَدْتِه في النَّفَقةِ على بيتِكِ، أو على نَفسِكِ؛ كلُّه طَيِّبٌ، وإلَّا فواجِبُ النَّفَقةِ عليه هو). ((فتاوى نور على الدرب)) (21/159). ، وابنُ عثيمين [937]     قال ابنُ عثيمين: (يجِبُ على الإنسانِ أن يُنفِقَ على أهلِه؛ على زوجتِه ووَلَدِه بالمعروفِ، حتى لو كانت الزَّوجةُ غَنيَّةً فإنَّه يجِبُ على الزَّوجِ أن يُنفِقَ عليها، ومن ذلك ما إذا كانت الزَّوجةُ تدرِّسُ، وقد شُرِطَ على الزَّوج تمكينُها من تدريسِها، فإنَّه لا حَقَّ له فيما تأخُذُه من راتبٍ: لا نِصفٍ ولا أكثَرَ ولا أقَلَّ؛ الرَّاتِبُ لها، ما دام قد شُرِطَ عليه عند العَقدِ أنَّه لا يمنَعُها من التدريسِ فرَضِيَ بذلك، فليس له الحَقُّ أن يمنَعَها من التدريسِ، وليس له الحَقُّ أن يأخُذَ مِن مكافأتِها -أي: مِن راتِبِها- شيئًا هو لها). ((شرح رياض الصالحين)) (6/143). أمَّا إذا أرادت أن تعمَلَ بعد الزَّواجِ وبدونِ شَرطٍ سابقٍ فعلى ما يصطلحانِ عليه. قال ابنُ عثيمين: (إذا لم يُشتَرَطْ عليه أن يمكِّنَها مِنَ التَّدريسِ، ثمَّ لَمَّا تزَوَّج قال: لا تُدَرِّسي: فهنا لهما أن يصطَلِحا على ما يشاءانِ، يعني: مثلًا له أن يقولَ: أمكِّنُكِ من التَّدريسِ بشَرطِ أن يكونَ لي نِصفُ الرَّاتِبِ أو ثُلُثاه، أو ثلاثةُ أرباعِه، أو رُبُعُه، وما أشبَه ذلك؛ على ما يتَّفقانِ عليه). ((شرح رياض الصالحين)) (6/143).
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((قالت هِندُ -امرأةُ أبي سُفَيانَ- للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ أبا سُفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ، وليس يُعطيني ما يَكفيني ووَلَدي إلَّا ما أخَذْتُ منه وهو لا يَعلَمُ. قال: خُذي ما يَكفيكِ وولَدَكِ بالمعروفِ )) [938]     أخرجه البخاري (5364) واللفظ له، ومسلم (1714).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّفَقةَ واجِبةٌ على الزَّوجِ، فلا تَسقُطُ بحالٍ، ومن ذلك إن شُرِطَ عليه عَمَلُها قَبلَ العَقدِ، فلا تَسقُطُ نَفَقتُها [939]     ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (6/143).

انظر أيضا: