المَبحَثُ الثَّاني: مِقدارُ النَّفَقةِ على الزوجة التشكيل
تُقَدَّرُ النَّفَقةُ بقَدرِ الكِفايةِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ [881] قال ابنُ حجرٍ: (ذهب الجُمهورُ إلى أنَّها بالكفايةِ، والشَّافعيُّ وطائفةٌ -كما قال ابنُ المنذِرِ- إلى أنَّها بالأمدادِ). ((فتح الباري)) (9/500). : الحَنَفيَّةِ [882] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/190)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/584). ، والمالِكيَّةِ [883] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/438)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/509). ويُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (3/77). ، والحَنابِلةِ [884] ((الإقناع)) للحجاوي (4/136)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/460). ، وهو قَولُ بَعضِ الشَّافِعيَّةِ [885] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/302)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (5/152). ويُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/500). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [886] قال ابنُ حجر: (نقل بعضُ الأئمَّةِ الإجماعَ الفِعليَّ في زمَنِ الصَّحابةِ والتَّابعينَ على ذلك، ولا يُحفَظُ عن أحدٍ منهم خِلافُه). ((فتح الباري)) لابن حجر (9/500). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ البقرة: 233.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المعروفَ هو قَدْرُ الكفايةِ [887] ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (3/232). .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((دخَلَت هِندُ بنتُ عُتبةَ -امرأةُ أبي سُفيانَ- على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أبا سُفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ لا يُعطيني مِنَ النَّفَقةِ ما يَكفيني ويَكفي بَنِيَّ، إلَّا ما أخَذْتُ مِن مالِه بغَيرِ عِلمِه، فهل عليَّ في ذلك مِن جُناحٍ؟ فقال: خُذي مِن مالِه بالمعروفِ ما يَكفيكِ وما يَكفي بَنِيكِ)) [888] أخرجه البخاري (5364)، ومسلم (1714) واللفظ له. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ نَصَّ على أنَّ النَّفَقةَ تُقَدَّرُ بالكفايةِ [889] ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (7/543)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/319). .
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديثِ الحَجِّ بِطولِه، قال في ذِكرِ النِّساءِ: ((ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ)) [890] أخرجه مسلم (1218). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أن الكِفايةَ بالمعروفِ تتنَوَّعُ بحالِ الزَّوجةِ في حاجتِها، وبتنَوُّعِ الزَّمانِ والمكانِ، وبتنَوُّعِ حالِ الزَّوجِ في يَسارِه وإعسارِه [891] ((المغني)) لابن قدامة (8/196)، ((اللباب في علوم الكتاب)) لابن عادل (19/175). .
ثالثًا: لأنَّها نَفَقةٌ واجِبةٌ لِدَفعِ الحاجةِ، فتقَدَّرَت بالكِفايةِ، كنَفَقةِ المملوكِ [892] ((الكافي في فقه الإمام أحمد)) لابن قدامة (3/232). .