الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: أُجرةُ الحَضانةِ


 الحاضِنةُ تَستَحِقُّ أُجرةَ الحَضانةِ [819]     سواءٌ كانت الحاضِنةُ الأمَّ أو غيرَها. ، وتكونُ في مالِ المَحْضُونِ إن كان له مالٌ، فإنْ لم يكُنْ له مالٌ ففي مالِ مَن تجِبُ عليه نَفَقتُه، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [820]     عندَ الحَنَفيَّةِ: إذا كانت الحاضِنةُ الأمَّ، وهي في عِصمةِ أبي المَحْضونِ، أو مُعتَدَّةٌ رَجعيَّةٌ منه؛ فلا تستَحِقُّ أُجرةً على الحَضانةِ؛ لوُجوبِ ذلك عليها ديانةً، وإن كانت الحاضِنةُ غيرَ الأمِّ، أو كانت أمًّا مُطَلَّقةً وانقَضَت عِدَّتُها؛ فإنَّها تَستَحِقُّ الأجرةَ، وهذا ما لم توجَدْ مُتبَرِّعةٌ بالحَضانةِ. ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/482)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/222)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/561). ، والشَّافِعيَّةِ [821]     عندَ الشَّافِعيَّةِ: يَسقُطُ حَقُّ الأمِّ في الحَضانةِ إن طلَبَت الأجرةَ ووَجَد الأبُ مُتبَرِّعةً. ((تحفة المحتاج في شرح المنهاج للهيتمي وحواشي الشرواني والعبادي)) (8/353)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/225)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/89). ، والحَنابِلةِ [822]     عندَ الحَنابِلةِ: لا يَسقُطُ حَقُّ الأمِّ في الحَضانة إن طلَبَت أُجرةَ المِثْلِ، ولو وُجِدَت مُتبَرِّعةٌ. ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/249)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/496) و (3/562).
الأدِلَّةُ [823]     هذه الأدِلَّةُ لحَقِّ الأمِّ في الأجرةِ، وغيرُها مِن بابِ أَولى. :
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو: ((أنَّ امرأةً قالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ ابني هذا كان بَطني له وِعاءً، وثَدْيي له سِقاءً، وحِجْري له حِواءً، وإنَّ أباه طلَّقَني، وأراد أن ينتَزِعَه منِّي، فقال لها رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنتِ أحَقُّ به ما لم تَنكِحي )) [824]     أخرجه أبو داود (2276) واللفظ له، وأحمد (6707). صَحَّحه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (8/317)، وصَحَّح إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/250)، وأحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (10/177)، وحَسَّن الحديث الشوكاني في ((السيل الجرار)) (2/437) وقال: لا مطعَنَ في إسنادِه. وقال ابنُ باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (645): هو من قَبيلِ الحَسَنِ، ثم ذكَرَ أنَّ له إسنادَين أحدُهما يشُدُّ الآخَرَ ويقَوِّيه. وحَسَّنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2276).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنتِ أحَقُّ به)) دَليلٌ على أنَّ الحَضانةَ حَقٌّ للأمِّ، وإذا كان الحَقُّ لها استحَقَّت خِدمَتَه بالأُجرةِ [825]     ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/404).
ثانيًا: لأنَّ كُلَّ عَقدٍ يَصِحُّ أن تَعقِدَه الزَّوجةُ مع غيرِ الزَّوجِ: يَصِحُّ أن تَعقِدَه مع الزَّوجِ، كالبَيعِ [826]     ((المغني)) لابن قدامة (5/370)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/562).
ثالثًا: لأنَّ مَنافِعَ الزَّوجةِ مِنَ الرَّضاعِ والحَضانةِ غَيرُ مُستَحَقَّةٍ للزَّوجِ، بدَليلِ أنَّه لا يملِكُ إجبارَها على حَضانةِ وَلَدِها [827]     ((المغني)) لابن قدامة (5/370)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/562).
رابعًا: لأنَّه يجوزُ لها أن تأخُذَ على الحَضانةِ العِوَضَ مِن غَيرِه، فجاز لها أخْذُه منه [828]     ((المغني)) لابن قدامة (5/370)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/562).




انظر أيضا: