الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: الحِكْمةُ مِنَ الإحدادِ


أوَّلًا: الإحدادُ على الزَّوجِ مِن تَعظيمِ هذا العَقدِ، وإظهارِ خَطَرِه وشَرَفِه وأنَّه عندَ الله بمكانٍ؛ فجُعِلَت العِدَّةُ حريمًا له، وجُعِلَ الإحدادُ مِن تمامِ هذا المقصودِ وتأكُّدِه ومَزيدِ الاعتناءِ به، حتى جُعِلَت الزَّوجةُ أَولى بفِعلِه على زَوجِها مِن أبيها وابنِها وأخيها وسائِرِ أقارِبِها.
ثانيًا: الإحدادُ على الزَّوجِ يدُلُّ على تأكُّدِ الفَرقِ بينَه وبينَ السِّفاحِ مِن جميعِ أحكامِه؛ ولهذا شُرِعَ في ابتدائِه إعلانُه والإشهادُ عليه والضَّربُ بالدُّفِّ؛ لتحَقُّقِ المضادَّةِ بينه وبينَ السِّفاحِ، وشُرِعَ في آخِرِه وانتهائِه من العِدَّةِ والإحدادِ ما لم يُشرَعْ في غَيرِه.
ثالثًا: أنَّ إظهارَ الزِّينةِ والطِّيبِ والحُلِيِّ مِمَّا يدعو المرأةَ إلى الرِّجالِ، ويدعو الرِّجالَ إليها، فلا يُؤمَنُ أن تَكذِبَ في انقِضاءِ عِدَّتِها؛ استِعجالًا لذلك، فمُنِعَت مِن دواعي ذلك وسُدَّت إليه الذَّريعةُ، هذا مع أنَّ الكَذِبَ في عِدَّة الوَفاةِ يتعَذَّرُ غالِبًا بظُهورِ مَوتِ الزَّوجِ، وكَونِ العِدَّةِ أيَّامًا معدودةً، بخِلافِ عِدَّةِ الطَّلاقِ؛ فإنَّها بالأقراءِ، وهي لا تُعلَمُ إلَّا مِن جِهتِها، فكان الاحتياطُ لها أَولى.

انظر أيضا: