الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الخامس: عِدَّةُ المُطَلَّقةِ مِن زَوجِها في مَرَضِ مَوتِه (طلاقُ الفارِّ)


اختلَفَ العُلَماءُ في عِدَّةِ المُطَلَّقةِ مِن زَوجِها طَلاقًا بائِنًا في مَرَضِ مَوتِه إذا مات؛ على قَولَينِ:القول الأول: يجِبُ على المُطَلَّقةِ طَلاقًا بائِنًا في مَرَضِ مَوتِ زَوجِها إذا ماتَ: أن تعتَدَّ أطوَلَ الأجلَينِ؛ عِدَّةَ الوفاةِ، أو ثلاثةَ قُروءٍ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّة [209]     ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/28)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/148). ، والحَنابِلةِ [210]     ((الإنصاف)) للمرداوي (9/202)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/416). ، وهو قَولُ ابنُ تَيميَّةَ: (فإنَّه طَلَّقَها في مَرَضِ مَوتِه، فوَرَّثَها منه عُثمانُ. وعليها أن تعتَدَّ أبعَدَ الأجلَينِ: من عِدَّة الطَّلاقِ، أو عِدَّةِ الوفاةِ، وأمَّا إن كان عَقلُه قد زال، فلا طلاقَ عليه). ((مجموع الفتاوى)) (31/368).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ المُطَلَّقةَ في مَرَضِ الموتِ لَمَّا وَرِثَت جُعِلَ النِّكاحُ قائِمًا -حُكمًا- إلى الوَفاةِ؛ إذْ لا إرثَ لها إلَّا به، فكذا في حَقِّ العِدَّةِ، بل أَولى؛ لأنَّها تَجِبُ مع الشَّكِّ دونَ الإرثِ، فصارت كالمُطَلَّقةِ رَجعيًّا [213]     ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/28)، ((المغني)) لابن قدامة (8/116).
ثانيًا: لأنَّها وارِثةٌ فيَجِبُ عليها أن تعتَدَّ للوَفاةِ، ومُطَلَّقةٌ فيَجِبُ عليها أن تعتَدَّ بأطوَلِهما؛ ضرورةَ أنَّها لا تَخرُجُ عن العُهدةِ يقينًا إلَّا بذلك [214]     ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/416). القول الثاني: يجِبُ عليها أن تبنيَ على عِدَّةِ الطَّلاقِ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [215]     ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/371)، ((منح الجليل)) لعليش (4/311). ، والشَّافِعيَّةِ [216]     أطلق الشَّافِعيَّةُ الحُكمَ ولم يُقَيِّدوه بطَلاقِها في مَرَضِ الموتِ. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/251)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/396). ، وروايةٌ عن أحمد [217]     ((الإنصاف)) للمرداوي (9/202). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [218]     وهو قَولُ أبي عُبيدٍ، وأبي ثَورٍ، وابنِ المُنذِرِ. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/116). ؛ وذلك لأنَّه مات وليست زَوجتَه؛ لأنَّها بائِنٌ مِن النِّكاحِ [219]     ((المغني)) لابن قدامة (8/116)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/396).

انظر أيضا: