الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الأوَّلُ: من الأحكام المُترتِّبة على الإيلاءِ: الطَّلاقُ بانقِضاءِ الأشْهُرِ الأربَعةِ


لا يقَعُ الطَّلاقُ على المرأةِ بانقِضاءِ الأشْهُرِ الأربَعةِ، فإذا انقَضَت يُوقَفُ المُؤلِي: فإمَّا الفَيءُ أو الطَّلاقُ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [273]     ((الكافي)) لابن عبد البر (2/598)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/428). ، والشَّافِعيَّةِ [274]     ((روضة الطالبين)) للنووي (8/255)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 244). ، والحَنابِلةِ [275]     ((الإقناع)) للحجاوي (4/79)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/362).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ البقرة: 226، 227.
أَوْجُهُ الدَّلالةِ:
1- أنَّه تعالى جعَلَ الطَّلاقَ واقِعًا بعَزمِ الأزواجِ لا بمُضِيِّ المدَّةِ، وليس انقِضاءُ المدَّةِ عزيمةً، وإنَّما العَزمُ ما عَدَّه مِن فِعلِه [276]     ((الحاوي الكبير)) للماوردي (10/831).
2- أنَّ اللهَ تعالى خيَّرَه في الآيةِ بين أمرَينِ: الفَيئةِ أو الطَّلاقِ، والتَّخييرُ بينَ أمرَينِ لا يكونُ إلَّا في حالةٍ واحِدةٍ، كالكفَّاراتِ، ولو كان في حالتَينِ لكان ترتيبًا ولم يكُنْ تَخييرًا [277]     ((الحاوي الكبير)) للماوردي (10/832).
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
1- عن نافِعٍ، أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما كان يقولُ في الإيلاءِ الذي سَمَّى اللهُ: (لا يَحِلُّ لأحدٍ بعد الأجَلِ إلَّا أن يُمسِكَ بالمَعروفِ، أو يَعزِمَ بالطَّلاقِ، كما أمَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ) [278]     أخرجه البخاري (5290).
2- عن ابنِ أبي مُلَيكةَ قال: (سَمِعتُ عائِشةَ تقولُ: يُوقَفُ المُوْلي) [279]     أخرجه البخاري مُعَلَّقًا بصيغة التمريضِ بعد حديث (5291)، وأخرجه موصولًا ابنُ أبي شيبة في ((المصنف)) (18890) واللَّفظُ له. حسَّن إسنادَه الألباني في ((إرواء الغليل)) (7/171)، وقال: هو على شرطِ مُسلمٍ ، وأخرجه سعيدُ بن منصور كما في ((فتح الباري)) لابن حجر (9/429) عن عائشةَ رضي الله عنها: (أنَّها كانت لا ترى الإيلاءَ شيئًا حتى يُوقَفَ)، وصحَّح سَندَه، وقال: وللشَّافعيِّ عنها نحوُه بسنَدٍ صحيحٍ.
3- عن سُليمانَ بنِ يَسارٍ قال: (أدركتُ بِضعةَ عشرَ مِن أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كلُّهم يُوقِفُ المُؤلي ) [280]     أخرجه الشافعي في ((الأم)) (8/59)، والدارقطني (4/61)، والبيهقي في ((معرفة السنن والآثار)) (14915). صَحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (2086).
4- عن عَمرِو بنِ سَلِمةَ قال: (شَهِدتُ عليًّا رضيَ اللهُ عنهُ أوقفَ المُولِي) [281]     أخرجه البخاريُّ مُعلَّقًا بصيغة التمريضِ بعد حديث (5291)، وأخرجه موصولًا الشافعي في ((الأم)) (6/667)، والدارقطني (4/61)، والبيهقي (15607) واللفظ له. صَحَّح إسنادَه الألباني في ((إرواء الغليل)) (7/170)، وأخرجه سعيدُ بن منصور كما في ((فتح الباري)) لابن حجر (9/429) عن عائشةَ رضي الله عنها: (أنَّها كانت لا ترى الإيلاءَ شيئًا حتى يُوقَفَ)، وصحَّح سَندَه، وقال: وللشَّافعيِّ عنها نحوُه بسنَدٍ صحيحٍ. وفي رواية: عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي ليلى: (أنَّ عليًّا أوقَفَه) [282]     أخرجه البخاري مُعلَّقًا بصيغة التمريض بعد حديث (5291)، وأخرجه موصولًا ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (18880) واللفظ له، والدارقطني (4/61)، والبيهقي (15612). صَحَّح إسناده موصولًا البيهقي، وابن حجر في ((فتح الباري)) (9/338).

انظر أيضا: