الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّاني: الرَّجعةُ بمُقَدِّماتِ الجِماعِ


اختلفَ العُلَماءُ في إثباتِ الرَّجعةِ بمُقَدِّماتِ الجِماعِ؛ على قَولينِ:القول الأول: تَثبُتُ الرَّجعةُ بمُقَدِّماتِ الجِماعِ، كاللَّمسِ والقُبلةِ ونَحوِهما، وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّة [2200]   اشترط الحَنَفيَّةُ أن يكونَ بشَهوةٍ. ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (4/159)، ((الفتاوى الهندية)) (1/469). ، والمالِكيَّةِ [2201]   اشترط المالِكيَّةُ أن ينويَ بذلك الرَّجعةَ. ((الكافي)) لابن عبد البر (2/618)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/417). ، وقَولُ بَعضِ الحَنابِلةِ [2202]   ((المبدع)) لابن مفلح (6/417)، ((الإنصاف)) للمرداوي (9/113). ، وهو قَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ [2203]   قال العيني: (... هو قَولُ سعيدِ بنِ المسَيِّب، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وطاوس، وعطاء بن أبي رباح، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وجابر، والشعبي، وسليمان التيمي). ((البناية)) (5/456).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الرَّجعةَ استِدامةُ النِّكاحِ واستِبقاؤُه، وهذه الأفعالُ تَدُلُّ على ذلك [2204]   ((الاختيار لتعليل المختار)) للموصلي (3/147).
ثانيًا: لأنَّه استِمتاعٌ يُستَباحُ بالزَّوجيَّةِ، فحَصَلت الرَّجعةُ به، كالوَطءِ [2205]   ((المغني)) لابن قدامة (7/523). القول الثاني: لا تَثبُتُ الرَّجعةُ بمُقَدِّماتِ الجِماعِ، كاللَّمسِ والقُبلةِ ونحوِهما، وهذا مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [2206]   ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/59)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/301). ، والحَنابِلةِ [2207]   ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/343)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/480). ، وقَولُ ابنِ حَزمٍ [2208]   لا يرى ابنُ حزمٍ الجِماعَ رَجعةً؛ فمِن باب أَولى مُقدِّماتُه؛ قال ابنُ حزم: (لم يأتِ بأنَّ الجِماعَ رَجعةٌ: قرآنٌ ولا سُنَّةٌ، ولا خِلافَ في أنَّ الرَّجعةَ بالكَلامِ رَجعةٌ؛ فلا يكونُ رَجعةٌ إلَّا بما صَحَّ أنَّه رَجعةٌ، وقال تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [الطَّلاق: 2] والمعروفُ ما عُرِفَ به ما في نَفسِ المُمسِكِ الرَّادِّ، ولا يُعرَفُ ذلك إلا بالكلامِ، وبالله تعالى التوفيقُ). ((المحلى)) (10/19).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ ذلك كُلَّه ليس في معنى الوَطءِ؛ إذ الوطءُ يَدُلُّ على ارتجاعِها دَلالةً ظاهِرةً بخِلافِ ما ذُكِرَ [2209]   ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/343).
ثانيًا: لأنَّه أمرٌ لا يتعَلَّقُ به إيجابُ عِدَّةٍ ولا مَهرٍ؛ فلا تَحصُلُ به الرَّجعةُ، كالنَّظَرِ [2210]   ((المغني)) لابن قدامة (7/523).

انظر أيضا: