الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: تحصل الرَّجعةُ بالقَولِ


تَصِحُّ الرَّجعةُ مِن الرَّجُلِ بالقَولِ، مِثلُ قَولِه لامرأتِه: قد راجعتُكِ، أو قد راجعْتُ امرأتي [2175]   (وتحصُلُ الرَّجعةُ بلَفظِ: راجعتُها ورجَعْتُها وارتجعْتُها وأمسكْتُها وردَدْتُها وأعدَدْتُها؛ لورودِ السُّنَّةِ بلَفظِ الرَّجعةِ في حديثِ ابن عمر، واشتهَرَ هذا الاسمُ فيه عُرفًا، فسُمِّيَ رَجعةً، والمرأةُ رَجعيَّةً، وورد الكتابُ به -أي: لَفظِ الرَّدِّ- لقَولِه تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة: 228] ، وبلفظ الإمساكِ في قَولِه تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [البقرة: 231] ، وقَولِه: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ [البقرة: 229] ، وألحِقَ بها ما هو بمعناها). ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/478).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا [البقرة: 228]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الرَّدَّ يكونُ بالقَولِ كما يكونُ بالفِعلِ [2176]   ((الحاوي الكبير)) للماوردي (10/310).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّه طَلَّقَ امرأتَه وهي حائِضٌ، في عَهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسأل عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك، فقال له رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مُرْه فلْيُراجِعْها، ثمَّ لِيَترُكْها حتى تَطهُرَ، ثمَّ تحيضَ، ثمَّ تَطهُرَ، ثمَّ إن شاء أمسَكَ بَعدُ، وإن شاء طَلَّقَ قَبلَ أن يمَسَّ؛ فتلك العِدَّةُ التي أمَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ أن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ )) [2177]   أخرجه البخاري (5251) واللفظ له، ومسلم (1471).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه: ((مُرْهُ فلْيُراجِعْها)) فيه دليلٌ على الرَّجعةِ بالقَولِ، وهو اللَّفظُ الصَّريحُ فيه [2178]   ((المغني)) لابن قدامة (7/524).
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك [2179]   اشترط المالِكيَّةُ النيةَ في الرَّجعةِ بالقَولِ المُحتَمِلِ، واشترطه بعضُهم في القَولِ الصَّريحِ أيضًا. يُنظر: ((حاشية البناني على شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/247)، ((منح الجليل)) لعليش (4/181)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/417). : ابنُ حزمٍ [2180]   قال ابنُ حزم: (لا خِلافَ في أنَّ الرَّجعةَ بالكلامِ رَجعةٌ). ((المحلى)) (10/19). ، والبَاجِي [2181]   قال البَاجِي: (وهذا الارتِجاعُ الأصلُ فيه قَولُه تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة: 228] ... ولا خِلافَ في صِحَّةِ وقوعِه بالقَولِ). ((المنتقى)) (4/111). ، وابنُ قُدامةَ [2182]   قال ابنُ قدامة: (فأمَّا القَولُ فتَحصُلُ به الرَّجعةُ بغيرِ خِلافٍ). ((المغني)) (7/524). ، والصَّنعاني [2183]   قال الصنعاني: (اتَّفَقوا على الرَّجعةِ بالقَولِ). ((سبل السلام)) (3/182).

انظر أيضا: