الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: حكم الشَّكِّ في الوضوء


المطلب الأوَّل: إذا تيقَّن الطَّهارة وشكَّ في الحدَث
إذا توضَّأ ثمَّ شكَّ في الحدَث، فإنَّه لا يلزَمُه الوضوءُ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/86)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/33). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/63)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/207). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/116)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/144). ، وبه قال أكثرُ الفقهاء قال ابن قدامة: (وبهذا قال الثوريُّ، وأهلُ العراق، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ، وسائِرُ أهلِ العِلمِ فيما علِمنا، إلَّا الحسن ومالكًا). ((المغني)) (1/144-145). قال النوويُّ: (مَن تيقَّن الطَّهارةَ، وشكَّ في الحدَث، حُكِمَ ببقائه على الطَّهارة، ولا فَرقَ بين حصولِ هذا الشكِّ في نفْسِ الصَّلاة، وحصولِه خارِجَ الصَّلاة، هذا مذهَبُنا ومذهب جماهيرِ العُلَماء من السَّلَف والخَلَف). ((شرح النووي على مسلم)) (4/49).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عبد الله بن زَيد بن عاصم: أنَّه شكا إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الرَّجُل الذي يُخيَّلُ إليه أنَّه يجِدُ الشيءَ في الصَّلاة، فقال: ((لا يَنفتِل- أو لا ينصَرِف- حتى يسمعَ صوتًا، أو يجِدَ رِيحًا )) رواه البخاري (137) واللفظ له، ومسلم (361).
وجه الدَّلالة:
أنَّ الحديثَ دلَّ على أنَّ اليقينَ لا يزولُ بالشكِّ؛ فمَن تيقَّنَ الطَّهارة، وشكَّ في الحدَث، أو تيقَّنَ النَّجاسةَ وشكَّ في الطَّهارةِ، بنَى على اليقينِ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/208).
ثانيًا: أنَّ الأصلَ بقاءُ ما كان على ما كان عليه ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/208).
المطلب الثَّاني: إذا تيقَّنَ الحدَث، وشكَّ في الطَّهارة
إذا أحدَثَ المتوضِّئُ، متيقِّنًا من ذلك، ثم شكَّ في الوضوءِ بعده، فإنَّه لا يُعدُّ متوضِّئًا.
الدَّليلُ مِن الإجماعِ:
نقَل الإجماعَ على ذلك: الماورديُّ قال الماورديُّ: (إذا تيقَّن الحدَث وشكَّ بعده في الوضوء، فإنَّه يَبني على اليقين ويتوضَّأ، ولا يأخذ بالشكِّ إجماعًا). ((الحاوي الكبير)) (1/207). ، وابنُ حزم قال ابن حزم: (أجمعوا أنَّ مَن أيقَنَ بالحدَث وشكَّ في الوضوء، أو أيقَنَ أنَّه لم يتوضَّأ، فإنَّ الوضوءَ عليه واجب). ((مراتب الإجماع)) (ص: 22). ، وابن عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمَعَ العُلَماءُ أنَّ مَن أيقنَ بالحدَث، وشكَّ في الوضوء، أنَّ شكَّه لا يفيدُ فائدةً، وأنَّ الوضوء واجِبٌ عليه). ((الاستذكار)) (1/515). ، وابن العربيِّ قال ابن العربي: (فإن تيقَّن الحدَث وشكَّ في الطهارةِ، أو تيقَّن الطَّهارةَ وشكَّ في إتمامِها، فلا خلاف في الأمَّة أنَّه يجِبُ عليه الوضوءُ إجماعًا). ((عارضة الأحوذي)) (1/100). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (إذا تيقَّن الحدَثَ وشك َّفي الطَّهارة، فإنَّه يلزَمُه الوضوءُ بإجماع المسلمين). ((شرح النووي على مسلم)) (4/50). ، وشمس الدِّين ابن قُدامة قال شمس الدين ابن قدامة: (إذا تيقَّن الحدَث وشكَّ في الطَّهارة، فهو مُحدِث؛ يُلغي الشكَّ ويَبني على اليقينِ، لا نعلم في ذلك خِلافًا). ((الشرح الكبير)) (1/194).

انظر أيضا: