الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثَّالِثُ: الشَّكُّ في الطَّلاقِ


المسألةُ الأولى: الشَّكُّ في وُقوعِه
إذا شَكَّ الرَّجُلُ هل طَلَّق امرأتَه أو لا، فلا يَلزَمُه الطَّلاقُ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عبَّادِ بنِ تميمٍ، عن عَمِّه قال: ((شُكِيَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الرَّجُلُ يَجِدُ في الصَّلاةِ شَيئًا، أيقطَعُ الصَّلاةَ؟ قال: لا، حتى يسمَعَ صَوتًا أو يَجِدَ ريحًا )) [1705]   أخرجه البخاري (2056) واللفظ له، ومسلم (361).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه كان في الأوَّلِ مُتيَقِّنًا للطَّهارةِ ثمَّ شَكَّ في الحدَثِ، والشَّكُّ لا يُزيلُ اليَقينَ، وكذلك الشَّكُّ في الطَّلاقِ؛ فإنَّ أصلَ النِّكاحِ يَقينٌ، فلا يَزولُ بالشَّكِّ [1706]   ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (5/92)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (13/170).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ [1707]   قال الماوردي: (فإن كان شَكَّ في أصلِه: هل طَلَّق أم لا؟ لم يلزَمْه الطَّلاقُ، اعتبارًا باليقينِ في بقاءِ النِّكاحِ، وإسقاطًا للشَّكِّ في رفعِه بالطَّلاقِ، وهذا مُتَّفَقٌ عليه). ((الحاوي)) (10/273). ، وابن حجر الهيتمي [1708]   قال ابن حجر الهيتمي: («شَكَّ في» أصلِ «الطَّلاقِ» مُنجَزٌ أو معلَّقٌ: هل وقع منه أو لا- فلا يقَعُ إجماعًا). ((تحفة المحتاج)) (8/69). ، والرمليُّ [1709]   قال الرملي: («شَكَّ في» أصلِ «طلاقٍ» مُنجَزٍ أو مُعلَّقٍ: هل وقع منه أو لا «فلا» يقَعُ بالإجماعِ). ((نهاية المحتاج)) (6/472).
المسألةُ الثَّانية: الشَّكُّ في الشَّرطِ الذي عُلِّقَ عليه الطَّلاقُ
إذا شَكَّ المرءُ في وُجودِ الشَّرطِ الذي عُلِّقَ عليه الطَّلاقُ، لم يقَعِ الطَّلاقُ [1710]   قال النووي: (لو عَلَّق الطَّلاقَ على صِفةٍ وشَكَّ في حُصولِها، كقَولِه: إن كان هذا الطَّائِرُ غُرابًا فأنتِ طالِقٌ، وشَكَّ في كونِه غُرابًا، أو قال: إنْ كان غُرابًا فزَينبُ طالِقٌ، وإن كان حمامةً فعَمْرةُ طالِقٌ، وشَكَّ هل كان غُرابًا أم حمامةً أم غيرَهما: فلا يُحكَمُ بالطَّلاقِ). ((روضة الطالبين)) (8/99). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [1711]   ((التاج والإكليل)) للمواق (4/87)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/217). ، والشَّافِعيَّةِ [1712]   ((روضة الطالبين)) للنووي (8/99)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/69). ، والحَنابِلةِ [1713]   ((الإقناع)) للحجاوي (4/59)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/332)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/467). ؛ وذلك لأنَّ النِّكاحَ ثابِتٌ بيَقينٍ، فلا يَزولُ بالشَّكِّ [1714]   ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/332).
المسألةُ الثَّالِثة: الشَّكُّ في عَدَدِه
إذا وقَعَ الشَّكُّ في عَدَدِ الطَّلَقاتِ بنى على الأقَلِّ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [1715]   ((الفتاوى الهندية)) (1/363)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/283). ، والشَّافِعيَّةِ [1716]   يُستحَبُّ عند الشَّافِعيَّةِ الأخذُ بالأكثَرِ احتياطًا. ((روضة الطالبين)) للنووي (8/99)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/69). ، والحَنابِلةِ [1717]   ((الإقناع)) للحجاوي (4/60)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/332). ؛ وذلك لأنَّ الأقَلَّ هو المتيقَّنُ منه، وما زاد عليه مَشكوكٌ فيه [1718]   ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/332).

 

انظر أيضا: