الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الثَّالثُ: حُكمُ الأكلِ مِن الوَليمةِ


يُستحَبُّ الأكلُ مِن الوَليمةِ [1376]   أمَّا إن كان صائمًا فقد قال ابن تيمية: (وأعدَلُ الأقوالِ أنَّه إذا حضر الوليمةَ وهو صائم، إن كان ينكَسِرُ قَلبُ الداعي بتركِ الأكلِ فالأكلُ أفضَلُ، وإن لم ينكسِرْ قَلبُه فإتمامُ الصومِ أفضَلُ، ولا ينبغي لصاحبِ الدعوة الإلحاحُ في الطعامِ للمدعُوِّ إذا امتنع؛ فإنَّ كِلا الأمرين جائزٌ، فإذا ألزمه بما لا يلزَمُه كان من نوعِ المسألةِ المنهيِّ عنها، ولا ينبغي للمدعوِّ إذا رأى أنه يترتَّبُ على امتناعِه مفاسِدُ أن يمتَنِعَ، فإنَّ فِطرَه جائِزٌ، فإن كان تَركُ الجائز مستلزِمًا لأمورٍ محذورة ينبغي أن يُفعَلَ ذلك الجائزُ، وربما يصيرُ واجبًا، وإن كان في إجابةِ الداعي مصلحةُ الإجابة فقط، وفيها مَفسَدةُ الشبهة، فالمنعُ أرجحُ). ((الفتاوى الكبرى)) (5/478). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1377]   ((البناية شرح الهداية)) للعيني (12/89)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/347). ، والمالِكيَّةِ [1378]   ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/338). ، والشَّافِعيَّةِ [1379]   ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/434)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/376). ، والحَنابِلةِ [1380]   ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/33)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/235).
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّة:
1- عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دُعِيَ أحَدُكم فلْيُجِبْ، فإن كان صائِمًا فلْيُصَلِّ، وإن كان مُفطِرًا فلْيَطعَمْ )) [1381]   أخرجه مسلم (1431).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قَولُه: (( فلْيَطْعَمْ)) أمرٌ بالأكلِ للمُفطِرِ، وهو محمولٌ على الاستِحبابِ؛ لِما فيه مِن تأنيسِ الدَّاعي له [1382]   ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (2/49).
2- وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دُعِيَ أحَدُكم إلى طعامٍ فلْيُجِبْ، فإن شاء طَعِمَ، وإن شاء ترَكَ )) [1383]   أخرجه مسلم (1430).
وَجهُ الدَّلالةِ:
قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فإن شاء طَعِمَ، وإن شاء ترَكَ)) يدُلُّ على عَدَمِ الوُجوبِ [1384]   ((شرح المشكاة)) للطيبي (7/2316)، ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (2/49).

انظر أيضا: