الموسوعة الفقهية

الفَرعُ الثَّالثُ: من الشُّروط الفاسِدة المُفسِدة في النكاح: نِكاحُ المُتعةِ


يَحرُمُ نِكاحُ المُتعةِ، وهو نِكاحٌ باطِلٌ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [902]     ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/61)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (3/246). ، والمالكيَّةِ [903]     ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/239)، ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (2/530)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/338). ، والشَّافعيَّةِ [904]     ((روضة الطالبين)) للنووي (7/42)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/224)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/219). ، والحنابلةِ [905]     ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/128)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/668). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [906]     وقد نقل الإجماعَ على التحريمِ جماعةٌ من العلماء: قال ابن المنذر: (لا أعلَمُ أحدًا يجيزُ اليومَ نكاحَ المتعةِ إلَّا بَعضَ الرافضةِ، ولا معنَى لِقَولٍ يخالِفُ القائِلُ به الكِتابَ والسُّنَّةَ). ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (5/72). وقال الماوردي: (وهذا تحريمٌ مؤبَّدٌ لا تتعقَّبُه إباحةٌ، ولأنَّه إجماعُ الصَّحابةِ، روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن الزبير، وأبي هريرة). ((الحاوي الكبير)) (9/330). وقال البغوي: (اتَّفق العلماءُ على تحريمِ نِكاحِ المتعةِ، وهو كالإجماعِ بين المسلمينَ). ((شرح السنة)) (9/100). وقال ابن العربي: (قد كان ابن عباسٍ يقولُها، ثم ثبَتَ رُجوعُه عنها، فانعقد الإجماعُ على تحريمِها). ((القبس في شرح موطأ مالك بن أنس)) (ص: 714). وقال القاضي عياض: (اتفق السَّلَفُ على تحريمِها آخِرًا إلَّا ما رُويَ عن ابن عباسٍ مِن إجازتها، وقد رُويَ عنه أنَّه رجع عن ذلك ). ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) (4/537). وقال الكاساني: (أمَّا الإجماعُ فإنَّ الأمَّةَ بأسْرِهم امتنعوا عن العملِ بالمتعةِ مع ظهورِ الحاجةِ لهم إلى ذلك). ((بدائع الصنائع)) (2/273). وقال النووي: (انعقد الإجماعُ على تحريمِه، ولم يخالِفْ فيه إلَّا طائفةٌ مِن المبتَدِعةِ). ((شرح النووي على مسلم)) (9/179). وقال ابن تيمية: (هذا كما أنَّ زُفَر اعتقد أنَّ النِّكاحَ إلى أجلٍ يَبطُلُ فيه التوقيتُ ويَصِحُّ النِّكاحُ لازمًا، وخرَّج بعضُهم ذلك قولًا في مذهب أحمد، فكان مضمونُ هذا القَولِ أنَّ نِكاحَ المتعةِ يَصِحُّ لازمًا غيرَ مؤقَّتٍ، وهو خلافُ النُّصوصِ، وخلافُ إجماعِ السَّلَفِ). ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (5/78). كما نَقَل الإجماعَ على البطلان القاضي عياضٌ، فقال: (أجمعوا على أنَّه متى وقع نكاحُ المتعةِ الآنَ أنَّه يُفسَخُ أبدًا قبل الدُّخولِ وبَعدَه). ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) (4/537). وقال المازَري: (ثبت أنَّ نكاحَ المتعةِ كان جائزًا في أول الإسلامِ، ثمَّ ثبتَ أنَّه نُسِخَ... وتقَرَّر الإجماعُ على مَنعِه، ولم يخالِفْ فيه إلَّا طائفةٌ من المُبتَدِعةِ). ((المعلم بفوائد مسلم)) (2/130). ويُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (9/181)، ((العدة)) لابن العطار (3/1278)، ((شرح المشكاة)) للطيبي (7/2288)، ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (5/2069). وقد ذُكِرَ فيه الخلاف: قال النووي: (قال القاضي: واتَّفق العلماءُ على أنَّ هذه المتعةَ كانت نكاحًا إلى أجَلٍ، لا ميراثَ فيها، وفِراقُها يحصُلُ بانقضاءِ الأجَلِ مِن غيرِ طلاقٍ، ووقع الإجماعُ بعد ذلك على تحريمِها مِن جميع العُلَماءِ إلَّا الروافِضَ، وكان ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنه يقولُ بإباحتِها، ورُوِيَ عنه أنَّه رجع عنه، قال: وأجمعوا على أنَّه متى وقع نكاحُ المتعةِ الآنَ حُكِمَ ببطلانِه سواءٌ كان قبل الدُّخولِ أو بعدَه، إلَّا ما سبق عن زُفَر، واختلف أصحابُ مالك: هل يُحَدُّ الواطئُ فيه؟ ومذهبُنا أنَّه لا يُحَدُّ؛ لشُبهةِ العَقدِ، وشُبهةِ الخِلافِ، ومأخذُ الخلافِ اختلافُ الأصوليِّينَ في أنَّ الإجماعَ بعد الخلافِ هل يرفَعُ الخلافَ ويُصَيِّرُ المسألةَ مجمَعًا عليها؟ والأصحُّ عند أصحابِنا أنَّه لا يرفَعُه، بل يدومُ الخلافُ، ولا يصَيِّرُ المسألةَ بعد ذلك مُجمَعًا عليها أبدًا، وبه قال القاضي أبو بكر الباقلاني). ((شرح النووي على مسلم)) (9/181).
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِنَ السُّنَّة
1- عن سَلَمةَ بنِ الأكوعِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((رخَّصَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ أَوْطاسَ في المُتعةِ ثَلاثًا، ثمَّ نهى عنها )) [907]     أخرجه مسلم (1405).
2- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((نهى عن مُتعةِ النِّساءِ يومَ خَيبرَ، وعن أكلِ لحومِ الحُمُرِ الإنسيَّةِ )) [908]     أخرجه البخاري (4216)، ومسلم (1407) واللفظ له.  
وَجهُ الدَّلالةِ:
1- في قَولِه: ((نهى عن المُتعةِ))، والنَّهيُ يدُلُّ على التَّحريمِ.
2- عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ قال: حَدَّثَنا الرَّبيعُ بنُ سَبْرةَ الجُهَنيُّ عن أبيه: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن المُتعةِ وقال: ألا إنَّها حَرامٌ مِن يَومِكم هذا إلى يومِ القيامةِ، ومن كان أعطى شيئًا فلا يأخُذْه)) [909]     أخرجه مسلم (1406).
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ: أنَّ عبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيرِ قام بمكَّةَ فقال: (إنَّ ناسًا -أعمى اللهُ قلوبَهم كما أعمى أبصارَهم- يُفتُونَ بالمُتعةِ -يُعَرِّضُ برَجُلٍ- فناداه فقال: إنَّك لجِلْفٌ جافٍ، فلَعَمْري لقد كانت المتعةُ تُفعَلُ على عَهدِ إمامِ المتَّقينَ -يريدُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم- فقال له ابنُ الزُّبَيرِ: فجَرِّبْ بنَفسِك، فواللهِ لَئِنْ فعَلْتَها لأرجُمَنَّك بأحجارِك) [910]     رواه مسلم (1406).
مسألةٌ: الزَّواجُ المُؤقَّتُ بالإنجابِ [911]     هو عَقدُ النِّكاحِ المشتَمِلِ على شرطِ الطَّلاقِ فورَ الإنجابِ.
لا يجوزُ الزَّواجُ المؤقَّتُ بالإنجابِ، وبه صدَرَ قرارُ المجمَعِ الفِقهيِّ الإسلاميِّ التابعِ لرابطةِ العالمِ الإسلاميِّ [912]     جاء في قراراتِ المجمَعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ التابع لرابطة العالم الإسلامي: قرار رقم: 106 (5/18) ما نصُّه: (الزواجُ المؤقَّتُ بالإنجابِ، وهو : عقدٌ مكتمِلُ الأركانِ والشروطِ إلَّا أن أحد العاقِدَينِ يشترطُ في العقدِ أنَّه إذا أنجبت المرأةُ فلا نكاحَ بينهما، أو أن يطلِّقَها، وهذا الزواجُ فاسِدٌ؛ لوجودِ معنى المتعةِ فيه؛ لأنَّ التوقيتَ بمدةٍ معلومةٍ كشهرٍ، أو مجهولةٍ كالإنجابِ: يصيِّرُه متعةً، ونكاحُ المتعةِ مُجمَعٌ على تحريمِه). ((قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع للرابطة - الدورة الأولى «1398 هـ» - الدورة التاسعة عشرة «1428هـ »). ؛ وذلك لأنَّ التوقيتَ بمدَّةٍ مجهولةٍ، كالإنجابِ، يُصَيِّرُه مُتعةً، ونِكاحُ المُتعةِ مُجمَعٌ على تحريمِه [913]     ((قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع للرابطة - الدورة الأولى «1398 هـ» - الدورة التاسعة عشرة «1428هـ »).

انظر أيضا: