الموسوعة الفقهية

المَبحثُ الأوَّلُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: تَخفيفُ المَهرِ


يُستَحَبُّ تخفيفُ المُهورِ، وتَركُ المغالاةِ فيها [699]     وممَّا يُؤسَف له في هذا الزمانِ: المغالاةُ الفاحشةُ في المُهور، حتى صار الزواجُ مِن الأمور الشاقَّة التي تُثقِل كاهلَ الزَّوج بجبال مِن الدُّيون؛ ممَّا أدَّى إلى كثرةِ العوانسِ الحَبيساتِ في المنازِل؛ بسببِ التعنُّتِ والتمظْهر والمباهاة. ، نَصَّ عليه الجُمهورُ: المالِكيَّةُ [700]     ((الشرح الكبير)) للدردير (2/309)، ((منح الجليل)) لعليش (3/452). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (4/352). ، والشَّافِعيَّةُ [701]     ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/375)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/335)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/182). ، والحَنابِلةُ [702]                                                                  ((الإقناع)) للحجاوي (3/208)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/128).
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ مِن يُمنِ المرأةِ تَيسيرَ خِطبتِها، وتَيسيرَ صَداقِها، وتَيسيرَ رَحِمِها [703]     تَيسير رَحِمِها: أي للولادةِ بأن تكونَ سريعةَ الحَمْلِ، كثيرةَ النَّسلِ. يُنظر: ((فيض القدير)) للمناوي (2/543). ) [704]     أخرجه أحمد (24478) واللفظُ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3612)، والحاكم (2739). ذكر ابنُ عَدِيٍّ في ((الكامل في الضعفاء)) (2/78) أنَّ فيه أسامةَ بنَ زيد الليثي: أرجو أنَّه لا بأس به. وصحَّحه الحاكمُ على شرط مسلم، وقال أبو نُعَيم في ((حلية الأولياء)) (3/191): ثابتٌ من حديث صفوانَ وعُروةَ، تفرَّد به أسامةُ. وجَوَّد إسنادَه العراقيُّ في ((تخريج الإحياء)) (2/52)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/258): فيه أسامةُ بنُ زيدِ بن أسلم، وهو ضعيفٌ، وقد وُثِّقَ، وبقيَّةُ رجاله ثقاتٌ. وجَوَّد إسناده السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (244)، وصَحَّح الحديثَ الألباني في ((صحيح الجامع)) (2235).
2- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لرجُلٍ: ((أترضى أن أزَوِّجَكَ فلانةَ؟ قال: نعم. وقال للمرأةِ: أترضَينَ أن أزوِّجَكِ فُلانًا؟ قالت: نعم. فزوَّج أحَدَهما صاحِبَه، ولم يَفرِضْ لها صَداقًا ولم يُعطِها شيئًا، وكان ممَّن شَهِد الحُدَيبيَةَ، وكان مَن شَهِدَ الحُدَيبيَةَ له سَهمٌ بخيبرَ، فلمَّا حضَرَته الوفاةُ قال: إنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زوَّجَني فلانةَ ولم أفرِضْ لها صَداقًا ولم أُعطِها شيئًا، وإنِّي أُشهِدُكم أنِّي أعطيتُها صَداقَها سَهمِي بخيبرَ، فأخَذَت سَهمًا فباعَته بمائةِ ألفٍ! قال: وقال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خيرُ الصَّداقِ أيسَرُه )) [705]     أخرجه من طرق: أبو داود (2117)، وابن حبان (4072)، والحاكم (2742) واللَّفظُ له. صحَّحه الحاكمُ على شرط الشيخين، وجَوَّد إسنادَه وقوَّاه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/171)، وقال الشوكاني في ((السيل الجرار)) (2/262): رجالُه ثقاتٌ إلَّا عبد العزيز بن يحيى، وهو صدوقٌ يَهِمُ. وصحَّح الحديثَ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2117)، وحَسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (953)، وصَحَّح إسناده شعيب الأرناؤوط في ((تخريج صحيح ابن حبان)) (4072).
3- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه قال: ((جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إنِّي تزوَّجتُ امرأةً مِن الأنصارِ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل نظَرْتَ إليها؛ فإنَّ في عيونِ الأنصارِ شَيئًا؟ قال: قد نظرتُ إليها. قال: على كم تزوَّجْتَها؟ قال: على أربَعِ أواقٍ. فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: على أربعِ أواقٍ؟! كأنَّما تَنحِتونَ الفِضَّةَ مِن عُرضِ هذا الجبَلِ! ما عندنا ما نُعطيك، ولكِنْ عسى أن نبعَثَك في بَعثٍ تُصيبُ منه. قال: فبعَثَ بَعثًا إلى بني عَبسٍ بَعَث ذلك الرجُلَ فيهم )) [706]     أخرجه مسلم (1424).
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ فيه دَلالةٌ على كراهةِ إكثارِ المَهرِ بالنِّسبةِ إلى حالِ الزَّوجِ [707]     ((شرح النووي على مسلم)) (9/211).

انظر أيضا: