الموسوعة الفقهية

الفرعُ الثَّاني: النِّكاحُ بغيرِ لفظَيِ التَّزويجِ والإنكاحِ


ينعَقِدُ النِّكاحُ بغيرِ لفظَيِ الإنكاحِ والتَّزويجِ، وبكُلِّ لَفظٍ يدُلُّ على النِّكاحِ، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّةِ [268]     ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/189)، ((الفتاوى الهندية)) (1/270). ، وهو قَولُ أكثَرِ المالكيَّةِ [269]     إذا اقتضى اللفظُ البقاءَ مُدَّةَ الحياةِ، كلفظِ: بِعتُ، وتصدَّقتُ، ومَلَّكتُ، وأعطيتُ، وأبحْتُ، وأحلَلْتُ، وأطلَقْتُ. يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/45)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/221). ، وقَولٌ للحَنابِلةِ [270]     ((الإنصاف)) للمرداوي (8/35). ويُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (20/533). ، وبه قال ابنُ تيميَّةَ [271]     قال ابن تيمية: (... إنَّ أصَحَّ قولَيِ العلماء أنَّه [أي: النكاح] ينعقِدُ بكلِّ لَفظٍ دَلَّ عليه، لا يختَصُّ بلفظِ الإنكاحِ والتزويجِ، وهذا مذهَبُ جمهورِ العلماءِ، كأبي حنيفة، ومالك، وهو أحدُ القولينِ في مذهبِ أحمدَ، بل نصوصُه لم تدُلَّ إلَّا على هذا الوجهِ، وأما الوجهُ الآخَرُ مِن أنه إنما ينعَقِدُ بلفظ الإنكاح والتزويجِ، فهو قولُ أبي عبدِ الله بن حامدٍ وأتباعِه، كالقاضي أبي يَعلى ومتَّبِعيه). ((مجموع الفتاوى)) (20/533). ، وابنُ القيِّمِ [272]     قال ابن القيم: (كذلك عقدُ النِّكاح، وليس ذلك من العباداتِ التي تعبَّدَنا الشارعُ فيها بألفاظ لا يقومُ غيرُها مقامَها، كالأذانِ، وقراءة الفاتحةِ في الصلاة، وألفاظِ التشهد، وتكبيرة الإحرام، وغيرها، بل هذه العقودُ تقع من البَرِّ والفاجر، والمسلِم والكافِرِ، ولم يتعبَّدْنا الشَّارعُ فيها بألفاظٍ معينة، فلا فرقَ أصلًا بين لفظِ الإنكاح والتزويج وبين كلِّ لفظٍ يدُلُّ على معناها). ((إعلام الموقعين)) (1/221). ، وابنُ باز [273]     قال ابن باز: (الزوجُ والوليُّ والشاهدان، إذا كانت المرأةُ سليمةً ليست في عِدَّةٍ، وليست مُكرَهةً بل راضيةٌ، فالنِّكاح لا بأس به، ولو قال بغيرِ لفظ النِّكاح، لو قال: أعطيتُك أو ملَّكْتُك أو وهَبْتُك، لا حرجَ؛ لأنَّ النيةَ معروفةٌ، والمقصودَ معروفٌ، وهو النِّكاحُ). ((فتاوى نور على الدرب)) (20/169). ، وابنُ عثيمين [274]     قال ابن عثيمين: (ليس هناك دليلٌ لا في القرآنِ ولا في السُّنَّة أنَّه لا يصِحُّ النِّكاح إلا بهذا اللفظ، لكنْ يقولون: لأنَّهما اللفظان اللذان ورد بهما القرآنُ؛ ففي القرآنِ الكريمِ: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء: 3] ، فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب: 37] ،... القول الثاني: أنَّه يجوز العقدُ بكُلِّ لفظٍ يدل عليه عُرفًا، والدليل من القرآن ومِنَ السُّنَّة؛ من القرآنِ أنَّ الله قال: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء: 3] ،... فالقاعدةُ أنَّ جميع العقود تنعَقِدُ بما دلَّ عليها عُرفًا، سواءٌ كانت باللفظ الوارد أو بغيرِ اللفظ الوارد، وسواءٌ كان ذلك في النِّكاحِ أو في غير النِّكاح، هذا هو القَولُ الصحيحُ). ((الشرح الممتع)) (12/38-40). ؛ وذلك لأنَّ النِّكاحَ ليس من العباداتِ التي تعَبَّدَنا الشَّارِعُ فيها بألفاظٍ لا يقومُ غَيرُها مَقامَها، فلا فَرقَ أصلًا بين لَفظِ الإنكاحِ والتَّزويجِ، وبين كُلِّ لَفظٍ يَدُلُّ على مَعناها [275]     ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (1/221).

انظر أيضا: