الموسوعة الفقهية

الخِطبةُ على خِطبةِ المُسلِم إذا صُرِّح له بالإجابةِ ولم يأذَنْ ولم يَترُكْ


لا يجوزُ الخِطبةُ على خِطبةِ المُسلِمِ إذا كان قد صُرِّح للخاطِبِ بالإجابةِ ولم يأذَنِ الخاطِبُ الأوَّل للخاطِبِ الثَّاني، ولم يَترُكْ.
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((ولا يَخطُبُ الرَّجُلُ على خِطبةِ أخيه، حتى يَنكِحَ أو يَترُكَ )) [50] أخرجه البخاري (5144) واللفظ له، ومسلم (1413).
وَجهُ الدَّلالةِ:
في قَولِه: ((ولا يخطُبُ الرجُلُ على خِطبةِ أخيه)) هذا نَهيٌ، والأصلُ في النَّهيِ التَّحريمُ [51] ((القبس في شرح موطأ مالك بن أنس)) لابن العربي (ص: 683)، ((المسالك في شرح موطأ مالك)) لابن العربي (5/435)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/166).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما قال: ((نهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن يَبيعَ بَعضُكم على بيْعِ بَعضٍ، ولا يَخطُبَ الرَّجلُ على خِطبَةِ أخيه، حتَّى يَترُكَ الخاطِبُ قَبلَه أو يَأذَنَ له الخاطِبُ )) [52] أخرجه البخاري (5142).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على ذلك [53] نصَّ المالكيَّةُ على أنَّه لا تَحرُمُ الخِطبةُ على خِطبةِ الفاسِقِ، إن كان الثَّاني صالحًا أو مجهولَ الحالِ؛ فإنْ كان فاسقًا كالأوَّلِ حَرُمَ عليه. ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/30)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/293)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/217). : ابنُ العربيِّ [54] قال ابن العربي: (لا خِلافَ في أنَّه لا يجوزُ لأحدٍ أن يخطُبَ على خِطبةِ غيرِه). ((عارضة الأحوذي)) (5/33). ، وابنُ قُدامةَ [55] قال الموفق ابن قدامة: (لا يخلو حالُ المخطوبة من ثلاثةِ أقسامٍ: أحدُها: أن تسكُنَ إلى الخاطِبِ لها فتجيبَه، أو تأذَنَ لوليِّها في إجابتِه أو تزويجِه، فهذه يحرُمُ على غيرِ خاطبِها خِطبتُها؛ لِما روى ابنُ عمر أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «لا يخطُبُ أحدُكم على خِطبةِ أخيه». وعن أبي هريرة، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «لا يخطُبُ أحدُكم على خِطبةِ أخيه، حتى ينكِحَ أو يترُكَ» متَّفَقٌ عليهما. ولأنَّ في ذلك إفسادًا على الخاطب الأوَّل، وإيقاعَ العداوة بين الناس؛ ولذلك نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بيعِ الرجُلِ على بيع أخيه، ولا نعلَمُ في هذا خلافًا بين أهل العلمِ). ((المغني)) (7/143). ، والنَّوويُّ [56] قال النووي: (لا يحِلُّ للمؤمنِ أن يبتاعَ على بيعِ أخيه، ولا يخطُبَ على خِطبة أخيه، حتى يذَرَ. هذه الأحاديثُ ظاهِرةٌ في تحريم الخِطبةِ على خِطبة أخيه، وأجمعوا على تحريمِها إذا كان قد صُرِّح للخاطِبِ بالإجابة ولم يأذَنْ ولم يَترُك). ((شرح النووي على مسلم)) (9/197). وقد أقرَّ إجماعَ النووي: العراقيُّ، وابنُ حجر، والشوكانيُّ. قال العراقي: (حكى النوويُّ في شرح مسلمٍ الإجماعَ على التَّحريمِ بشُروطِه). ((طرح التثريب في شرح التقريب)) (6/80). وقال ابنُ حجر: (بل هو عندهم للتَّحريمِ، ولا يُبطِلُ العَقدَ، بل حكى النوويُّ أن النهيَ فيه للتحريمِ بالإجماعِ). ((فتح الباري)) (9/199). وقال الشوكاني: (حكى النوويُّ أنَّ النهيَ فيه للتَّحريمِ بالإجماعِ). ((نيل الأوطار)) (6/128). ، وابنُ تيميَّةَ [57] قال ابن تيمية: (لا يحِلُّ للرجُلِ أن يخطُبَ على خِطبة أخيه إذا أجيبَ إلى النِّكاح، وركنوا إليه باتفاقِ الأئمَّةِ). ((مجموع الفتاوى)) (32/9). وقال: (اتفق الأئمَّةُ الأربعةُ في المنصوص عنهم، وغيرُهم من الأئمَّةِ: على تحريمِ ذلك). ((مجموع الفتاوى)) (32/7). ، والصَّنعانيُّ [58] قال الصنعاني: (أجمع العلماءُ على تحريمِها إذا كان قد صُرِّح بالإجابةِ، ولم يأذَنْ ولم يَترُكْ، فإن تزوَّج والحالُ هذه عصى اتِّفاقًا، وصحَّ عند الجُمهورِ). ((سبل السلام)) (2/30).
ثالثًا: لِما في ذلك من إفسادٍ على الخاطِبِ الأوَّلِ [59] ((المغني)) لابن قدامة (7/143).
رابِعًا: لِما في ذلك من إيقاعِ التباغُضِ والعَداوةِ بين المُسلِمين [60] ((الشرح الكبير على متن المقنع)) لأبي الفرج شمس الدين ابن قدامة (7/362).

انظر أيضا: