الموسوعة الفقهية

المبحث التَّاسع: إذا رَمَى الصَّائِدُ على مجموعةٍ


يُباحُ أكْلُ ما أَصابَ الصَّائِدُ إنْ رَمَى جماعةً مِنَ الصَّيْدِ ونَوَى أيَّها أَصابَ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [208] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (11/203)، ويُنظَر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/50).   ، والمالِكيَّةِ [209] المالكيَّةُ لهم تفصيلٌ في ذلك، وهو: إنْ نَوَى حالَ الرَّميِ واحدةً بعَيْنِها فأصاب غيرَها لا يَأكُلُ، أو إنْ أَرسَلَ على جماعةٍ يَنويها، ولم يَنْوِ غيرَها لم يُؤْكَلْ ما أخذ مِن غيرِها. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/216)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/324).   ، والشَّافِعيَّةِ [210] ((المجموع)) للنَّووي (9/119، 120)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهَيْتَمي (9/333).   ، والحنابلةِ [211] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/327)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/380)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامةَ (11/36).   ، وهو قولُ بعضِ السَّلفِ [212] قال شمس الدين ابن قُدامةَ: (وبه قال الثَّوريُّ، وقَتادةُ، وأبو حنيفةَ، والشَّافِعيُّ). ((الشرح الكبير)) (11/36).   ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [213] قال النَّوويُّ: (ولو رَمَى إلى سِرْبٍ مِنَ الظِّباءِ أو أَرسَلَ عليها كلبًا فأصاب واحدةً منها فقَتَلَها، فهي حلالٌ بلا خِلافٍ). ((المجموع)) (9/119). وقال المَرْداويُّ: (قولُه: ((وإنْ رَمَى صَيْدًا فأَصابَ غيرَه، أو رَمَى صَيْدًا فقَتَل جماعةً، حَلَّ الجميعُ)) بلا نِزاعٍ أَعْلَمُه). ((الإنصاف)) (10/327). وقال الزُّرْقاني: (وأمَّا السِّلاحُ إذا أصاب مُتَعدِّدًا فإنَّ الجميعَ يُؤْكَلُ بلا خِلافٍ اهـ. أي: بشرطِ نيَّةِ الجميعِ أيضًا). ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (3/19).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قولُه تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة: 4]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى أَباحَ ما أَمسكَ عليْنا مِنَ الصَّيْدِ، وهو عامٌّ في كلِّ صَيْدٍ [214] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/377).  
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
1- قولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ((إذا أَرسلْتَ كلبَكَ، وذَكَرْتَ اسمَ اللهِ عليه، فكُلْ ممَّا أَمسَكَ عليك )) [215] أخرجه البخاري (5476)، ومسلم (1929) واللَّفظ له.  
وجهُ الدَّلالةِ:
أَباحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الصَّيْدَ إذا أَرسَلَ الكلبَ وسَمَّى اللهَ، وهو عامٌّ في كلِّ إرسالٍ [216] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/377).  
2- قولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((وما صِدْتَ بقَوْسِكَ فذَكَرْتَ اسمَ اللهِ، فكُلْ )) [217] أخرجه البخاري (5478)، ومسلم (1930).  
3- قولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ((إذا أَصابَ بحَدِّه، فكُلْ )) [218] أخرجه البخاري (2054)، ومسلم (1929).  
وجهُ الدَّلالةِ:
عَمَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ولم يَخُصَّ أنْ يَقصِدَ صَيْدًا مِنَ الجملةِ بعَيْنِه [219] ((المحلى)) لابن حزم (6/159).  
ثالثًا: أنَّ التَّعيينَ في الاصطيادِ ليس في وُسْعِه، بخِلافِ التَّعيينِ في الذِّبحِ؛ فإنَّه في وُسْعِه [220] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (11/203).  

انظر أيضا: