الموسوعة الفقهية

الفرع الثَّاني: الصَّيْدُ بأمْرٍ مِنَ المُحْرِمِ


يَحْرُمُ على المُحْرِمِ أنْ يَأمُرَ أحدًا بالصَّيْدِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ [41] وقد اختَلَفوا: هل يجب عليه الجَزاءُ أمْ لا؟ وهل يأكلُ مِن هذا الصَّيْدِ أمْ لا؟   : الحَنَفيَّةِ [42] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (4/173)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/197).   ، والمالِكيَّةِ [43] ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/259)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (2/370).   ، والشَّافعيَّةِ [44] فقد حَرَّموا الدَّلالةَ والإشارةَ، والأمرُ بالصَّيْدِ أَبلَغُ منهما. ((تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرْواني والعبَّادي)) (4/182)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (3/347)، ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) (2/524)، ((حاشية العبَّادي على الغرر البهية)) (2/363).   ، والحنابلةِ [45] فقد حَرَّموا الدَّلالةَ والإشارةَ على المُحْرِمِ، والأمرُ بالصَّيْدِ أَبلَغُ منهما. ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (2/432).  
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ أبي قَتادةَ، أنَّ أَباه أَخبَرَه، ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خَرَج حاجًّا، فخَرَجوا معه، فصَرَف طائفةً منهم فيهم أبو قَتادةَ، فقال: خُذوا ساحلَ البحرِ حتَّى نَلتَقيَ. فأَخَذوا ساحلَ البحرِ، فلمَّا انصَرَفوا، أَحرَموا كلُّهُم، إلَّا أبو قَتادةَ لم يُحْرِمْ، فبيْنما هُم يَسيرون إذْ رأوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فحَمَل أبو قَتادةَ على الحُمُرِ، فعَقَر منها أتانًا، فنَزَلوا فأَكَلوا مِن لحْمِها، وقالوا: أَنأْكُلُ لحمَ صَيْدٍ ونحن مُحْرِمون؟ فحَمَلْنا ما بَقيَ مِن لحمِ الأتانِ. فلمَّا أَتَوْا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّا كنَّا أَحْرَمْنا، وقد كان أبو قَتادةَ لم يُحْرِمْ، فرَأَيْنا حُمُرَ وَحْشٍ، فحَمَل عليها أبو قَتادةَ، فعَقَر منها أتانًا، فنَزَلْنا، فأَكَلْنا مِن لحمِها، ثُمَّ قُلْنا: أَنأْكُلُ لحمَ صَيْدٍ ونحن مُحْرِمون؟ فحَمَلْنا ما بَقيَ مِن لحمِها، قال: أمِنكُم أَحَدٌ أَمَرَه أنْ يَحْمِلَ عليها، أو أشار إليها؟، قالوا: لا، قال: فكُلوا ما بَقيَ مِن لحمِها )) [46] أخرجه البخاري (1824)، ومسلم (1196).  
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ سؤالَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لهُم: ((هل مِنكُم أَحَدٌ أَمَرَه أنْ يَحْمِلَ عليها، أو أشار إليها؟)) يَدُلُّ على تَعلُّقِ التَّحريمِ بذلك لو وُجِد منهم [47] ((المغني)) لابن قُدامةَ (3/288).  
ثانيًا: أنَّ المُحْرِمَ قدِ التَزَم بالإحرامِ أنْ لا يَتعرَّضَ للصَّيْدِ بما يُزيلُ أَمْنَه، والأمرُ به والإشارةُ إليه يُزيلُ الأمنَ عنه؛ فيَحْرُمُ [48] ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلعي (2/12).  

انظر أيضا: