الموسوعة الفقهية

المبحث الرَّابِعُ: صَعقُ الحَيوانِ بالكَهرباءِ قَبلَ ذَبحِه


يَحِلُّ أكلُ الحَيوانِ إذا صُعِقَ بالكَهرباءِ [401] وكذلك تدويخُه وذكاتُه قَبلَ مَوتِه. عدا الدَّجاج، جاء في ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) (قرار رقم 101/3/د10): (لا يجوزُ تَدويخُ الدواجِنِ بالصَّدمةِ الكهربائيَّة؛ لِما ثَبَت بالتجربةِ مِن إفضاءِ ذلك إلى موتِ نِسبةٍ غيرِ قَليلةٍ منها قبلَ التَّذكيةِ).   ، وذُكِّيَ بالطَّريقةِ الصَّحيحةِ بعد صَعقِه، وفيه حياةٌ مُستَقِرَّةٌ [402] أمَّا إذا مات مِنَ الصَّعقِ بالكَهرباءِ، فهو مَيْتةٌ.   ، وأُمِنَ ضَرَرُ الصَّعقِ على لَحمِ الذَّبيحةِ، وهو ما ذهَبَ إليه ابنُ باز [403] قال ابن باز: (وما صُعِقَ أو ضُرِبَ، وأُدرِكَ حَيًّا وذُكِّيَ على الكيفيَّة الشرعيَّة: فهو حلالٌ؛ قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (8/429).   ، وابنُ عُثَيمينَ [404] قال ابن عثيمين: (إذا كان هذا الصَّعقُ الذي ذكَرَه الأخُ لا يَصِلُ بها إلى حالِ الموتِ، فإنَّ ذَبْحَها قبلَ خُروجِ رُوحِها يعتَبَرُ تذكيةً شرعيَّةً). ((فتاوى نور على الدرب)) (11/370).   ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [405] جاء في فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة: (ما مات منها بالصَّعقِ قَبلَ الذَّبحِ أو النَّحْرِ، فإنَّ التَّذكِيةَ لا تأثيرَ لها في حِلِّه، وبهذا يُعلَمُ أنَّ القُرآنَ حَرَّم ما يُصعَقُ من الحيواناتِ إذا مات بالصَّعقِ قَبلَ تَذكِيَتِه؛ لأنَّ المَصعوقةَ مَوقوذةٌ، وقد بَيَّنَ اللهُ في آيةِ المائدة تحريمَها، إلَّا إذا أُدرِكَت حَيَّةً وذُكِّيَت بذَبحٍ أو نحرٍ). ((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة)) (22/457).   ، وصَدَرَ به قرارُ مَجمَعِ الفِقهِ الإسلاميِّ [406] في قراره رقم (101/3/د10) بشأن الذبائح: مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة - بالمملكة العربية السعودية، خلال الفترة من 23 إلى 28 صفر 1418هـ (الموافق 28 يونيو-3 يوليو 1997م).  
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قولُه تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [المائدة: 3]
وجهُ الدَّلالةِ:
 في الآيةِ تَحريمُ المُنخَنِقةِ والمَوقوذةِ، وهي أشبَهُ ما تكونُ بالصَّعقِ الكَهربائيِّ، واستثنى اللهُ سُبحانَه وتعالى مِنَ التَّحريمِ ما إذا ذُكِّيَت- أي: ذُبِحَت- قبل أن تموتَ؛ فإنَّها تكونُ حَلالًا [407] ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (11/370)، ((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة)) (22/366).  
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن عَبَايةَ بنِ رِفاعةَ بنِ رافعٍ، عن جَدِّه رافِعِ بنِ خَديجٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ما أنهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسمُ اللهِ عليه، فكُلْ ليس السِّنَّ والظُّفُرَ )) [408] أخرجه البخاري (5498) واللفظ له، ومسلم (1968).  
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه إذا ذُبِحَ بعدَ الصَّعقِ وجرى الدَّمُ مِن مَوضِعِ الذَّبحِ، دلَّ ذلك على أنَّه لم يَمُتْ مِنَ الصَّعقِ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ أن يَجرِيَ الدَّمُ الجَرْيَ العادِيَّ إلَّا والذَّبيحةُ حَيَّةٌ، أمَّا إذا ماتَت فإنَّ الدَّمَ يتغَيَّرُ ويتخَثَّرُ، ولا يُمكِنُ أن يَخرُجَ، اللَّهُمَّ إلَّا شيئًا يَسيرًا [409] ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (11/370).  
ثالثًا: أنَّ طَريقةَ الصَّرْعِ أو التَّدويخِ لا تَقتُلُ الحَيوانَ، ولكِنَّها تؤدِّي إلى فِقدانِ وَعْيِه ووقوعِه، ثمَّ يُذبَحُ بعدَ ذلك ذبحًا يتوافَقُ مع مُتطَلَّباتِ التَّذْكيةِ الشَّرعيَّةِ [410] ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) (10/405).  

انظر أيضا: