الموسوعة الفقهية

المبحث الرَّابِعُ: ألَّا يُهَلَّ بالذَّبيحةِ لِغَيرِ اللهِ تعالى


يَحرُمُ أكلُ الذَّبيحةِ التي أُهِلَّ بها لِغَيرِ اللهِ [292] قال الكاساني: (إنَّما تؤكَلُ ذَبيحةُ الكِتابيِّ إذا لم يُشهَدْ ذَبحُه ولم يُسمَعْ منه شيءٌ، أو سُمِعَ وشُهِدَ منه تسميةُ الله تعالى وحده؛ لأنَّه إذا لم يُسْمعْ منه شيءٌ يُحمَلُ على أنَّه قد سمَّى الله تبارك وتعالى وجَرَّدَ التسميةَ؛ تحسينًا للظَّنِّ به كما بالمسلمِ). ((بدائع الصنائع)) (5/46). وقال شمسُ الدين ابنُ قُدامة: (وإن لم يُعلَمْ أسمَّى الذَّابِحُ أم لا؟ أو ذَكرَ اسمَ غير الله أو لا؟ فذبيحتُه حلالٌ؛ لأنَّ الله تعالى أباح لنا أكْلَ ما ذبَحَه المسلِمُ والكتابيُّ، وقد عُلِمَ أنَّنا لا نقِفُ على كلِّ ذابح. وقد رويَ عن عائشة أنهم قالوا: ((يا رسولَ اللهِ، إنَّ قَومًا حَديثٌ عَهدُهم بشركٍ، يأتونَنا بلَحمٍ لا ندري أذَكَروا اسم الله أم لم يذكُروا؟ قال: سَمُّوا أنتم وكُلوا)) ). ((الشرح الكبير)) (27/325).   ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [293] ((المبسوط)) للسرخسي (11/209)، ((الفتاوى الهندية)) (5/285)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/46).   ، والمالِكيَّةِ- فيما ذُبِحَ للصَّنَمِ- [294] ((التاج والإكليل)) للمواق (3/212، 318)، ((منح الجليل)) لعليش (2/412-414).   ، والشَّافِعيَّةِ [295] ((فتح العزيز)) للرافعي (12/84)، ((المجموع)) للنووي (9/78).   ، والحَنابِلةِ [296] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/307)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/209)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/421)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/402).   ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [297] قال ابنُ قدامة: (رُوِيَ ذلك عن عليٍّ، وبه قال النَّخَعي، والشافعي، وحمَّاد، وإسحاق، وأصحاب الرأي). ((المغني)) (9/402). وقال القرطبي: (وقال بهذا من الصحابةِ: عليٌّ، وعائشةُ، وابنُ عمر، وهو قَولُ طاوس، والحَسَن). ((تفسير القرطبي)) (6/76).  
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
1- قَولُه تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: 121]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه إذا سَمَّى غيرَ اللهِ أو ذبَحَ لِغَيرِ الله، فقد أتى بالصِّفةِ التي حَرَّم اللهُ تعالى علينا الأكلَ مع وجودِها؛ لأنَّه أَهَلَّ لِغَيرِ اللهِ به [298] ((المحلى)) لابن حزم (6/154).  
2- قَولُه تعالى: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [المائدة: 3]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه مُخَصِّصٌ لقَولِه تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة: 5] [299] ((بداية المجتهد)) لابن رشد (2/213).  
ثانيًا: أنَّه لو فعَلَ ذلك مُسلِمٌ لم يَحِلَّ؛ لقَولِه تعالى: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [المائدة: 3] فحالُ الكِتابيِّ في ذلك لا يكونُ أعلى مِن حالِ المُسلِمِ [300] ((المبسوط)) للسرخسي (11/209).  

انظر أيضا: