الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّاني: ذكاةُ الجَنينِ إذا خرَجَ مَيِّتًا، أو متحَرِّكًا كحَرَكةِ المذبوحِ


يَحِلُّ أكلُ لَحمِ الجَنينِ إذا خرج مَيِّتًا أو متحَرِّكًا كحركةِ المذبوحِ، بعدَ ذكاةِ أمِّه، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّةِ [96] وقَيَّدَه المالكيَّةُ بشَرطينِ: أن يتِمَّ خَلقُه ويَنبُتَ شَعرُه. ((مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل)) (4/342)، ((التاج والإكليل)) للمواق (3/227).   ، والشَّافِعيَّةِ [97] ((المجموع)) للنووي (9/128)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/568).   ، والحَنابِلةِ [98] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/303)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/209).   ، وهو قَولُ مُحمَّدٍ وأبي يوسُفَ مِن الحَنَفيَّةِ [99] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/42).   ، وقَولُ جُمهورِ السَّلَفِ ومَن بَعدَهم مِن العُلَماءِ [100] قال ابنُ عبد البَرِّ: (وقال الثَّوريُّ، واللَّيثُ بنُ سعدٍ، والأوزاعيُّ، وأبو يوسُفَ، ومحمَّدٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وداودُ: يؤكَلُ الجَنينُ بذَكاةِ أمِّه إن كان مَيِّتًا، ولم يذكُروا تمامَ خَلقٍ ولا شَعرٍ). ((التمهيد)) (23/77). وقال النووي: (وبه قال العُلَماءُ كافَّةً مِن الصَّحابةِ والتَّابعينَ ومَن بَعدَهم مِن عُلَماءِ الأمصار). ((المجموع)) (9/128). وقال ابنُ قُدامةَ: (وقال ابنُ عمر: ذكاتُه ذَكاةُ أمِّه إذا أشعَرَ، ورُويَ ذلك عن عطاءٍ، وطاوس، ومجاهد، والزهري، والحسن، وقتادة، ومالك، والليث، والحسن بن صالح، وأبي ثور؛ لأنَّ عبد الله بنَ كعبِ بنِ مالك، قال: كان أصحابُ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولونَ: إذا أشعَرَ الجنينُ، فذكاتُه ذَكاةُ أمِّه، وهذا إشارةٌ إلى جميعِهم، فكان إجماعًا). ((المغني)) (9/401). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [101] قال ابنُ قُدامة: (هذا إجماعٌ مِن الصَّحابةِ ومَن بَعدَهم، فلا يُعَوَّلُ على ما خالفه). ((المغني)) (9/401). وقال أبو الحسن بن القطَّان: (وأجمع جميعُ عُلَماءِ الأمصارِ إلَّا مَن شَذَّ مِمَّن لا يُعَدُّ خِلافُه: أنَّ ذكاةَ الجنينِ إذا أشعَرَ، في ذكاةِ أمِّه). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/317).  
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((قُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، نَنحَرُ النَّاقةَ ونَذبَحُ البَقَرةَ والشَّاةَ، فنَجِدُ في بَطنِها الجَنينَ، أنُلْقِيه أم نأكُلُه؟ قال: كُلُوه إن شِئْتُم؛ فإنَّ ذَكاتَه ذَكاةُ أُمِّه )) [102] أخرجه أبو داود (2827) واللفظ له، والترمذي (1476)، وابن ماجه (3199)، وأحمد (11260). قال الترمذي: حسن صحيح، وصَحَّحه ابنُ القَيِّم في ((إعلام الموقعين)) (2/255)، وابن الملقِّن في ((شرح البخاري)) (26/661)، وقال الصنعاني في ((سبل السلام)) (4/136): بمجموعِ طُرُقِه يُعمَل به، وحَسَّنه لغيره الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (9/22)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1476).  
ثانيًا: أنَّ حَقيقةَ الجَنينِ ما كان في البَطنِ، وذَبحُه في البَطنِ لا يُمكِنُ؛ فعُلِمَ أنَّه ليس المرادُ أنَّه يُذَكَّى كذكاةِ أمِّه، بل ذَكاةُ أمِّه كافِيةٌ في حِلِّه [103] ((المجموع)) للنووي (9/128).  
ثالثًا: أنَّ الذَّكاةَ في الحَيوانِ تَختَلِفُ على حَسَبِ الإمكانِ فيه والقُدرةِ، بدليلِ الصَّيدِ المُمتَنِعِ، والمقدورِ عليه، والمُترَدِّية، والجَنينُ لا يُتوصَّلُ إلى ذَبحِه بأكثَرَ مِن ذَبحِ أُمِّه؛ فتكونُ ذَكاتُها ذكاةً له [104] ((المغني)) لابن قدامة (9/401).  
رابِعًا: أنَّ الجَنينَ مُتَّصِلٌ بها اتِّصالَ خِلقةٍ، يتغَذَّى بغذائِها؛ فتكونُ ذَكاتُه ذكاتَها، كأعضائِها [105] ((المغني)) لابن قدامة (9/401).  
خامِسًا: أنَّ الجنينَ يَتبَعُ أمَّه في العِتقِ، فيَتبَعُها في الذَّكاةِ، كالأعضاءِ [106] ((المجموع)) للنووي (9/128).  

انظر أيضا: