الموسوعة الفقهية

الفرع الثَّاني: حُكمُ أكْلِ الجَلَّالةِ وشُربِ لبَنِها


يَحرُمُ أكلُ لحمِ الجَلَّالةِ [310] ويَلحقُ بالجَلَّالةِ السَّمكُ الَّذي يَأكُلُ النَّجاساتِ. نَصَّ على ذلك الحنابلةُ، يُنظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/434). أمَّا ما يعيشُ في المياهِ المُلوَّثةِ غيرِ النَّجِسةِ فالأصلُ فيها الحِلُّ ما لم تكنْ ضارَّةً.   وشُربُ لبَنِها، وهو مذهَبُ الحنابلةِ [311] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/275)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/193).   ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّةِ [312] ((المجموع)) للنَّووي (9/28)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهَيْتَمي (9/378)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/304)، ((فتح الباري)) لابن حجر (9/648).   ، واختارَه ابنُ حَزْمٍ [313] قال ابن حَزْم: (وألبانُ الجَلَّالةِ حرامٌ). ((المحلى)) (1/181).   ، والصَّنعانيُّ [314] قال الصَّنعانيُّ: (الحديثُ دليلٌ على تحريمِ الجَلَّالةِ وألبانِها، وتحريمِ الرُّكوبِ عليها... وظاهِرُ الحديثِ: أنَّه إذ ثبَتَ أنَّها أكلَتِ الجِلَّةَ فقد صارتْ مُحرَّمةً... ومَن قال: يُكرهُ ولا يَحرُمُ، قال: لأنَّ النَّهيَ الواردَ فيه إنَّما كان لتغيُّرِ اللَّحمِ، وهو لا يوجِبُ التَّحريمَ بدليلِ المُذكَّى إذا جَفَّ. ولا يخفى أنَّ هذا رأيٌ في مقابلةِ النصِّ... والعملُ بالأحاديثِ هو الواجبُ، وكأنَّهم حمَلوا النَّهيَ على التَّنزيهِ، ولا يَنهَضُ عليه دليلٌ). ((سُبُل السَّلام)) (4/77).   ،  والشَّوكانيُّ [315] قال الشَّوكانيُّ: (قد ثبَت النَّهيُ عن أكلِ لَحمِها... وثبَتَ أيضًا النَّهيُ عن شُربِ لبَنِها... وظاهِرُ هذه الأحاديثِ التَّحريمُ؛ لأنَّه حقيقةُ النَّهيِ؛ فلا يَجوزُ ذبْحُها قبلَ الحبْسِ، فإنْ فعَل كان أكْلُها حرامًا). ((السيل الجرَّار)) (ص: 728).   ، وبه أَفتَتِ اللَّجنةُ الَّدائمةُ [316] جاء في فتوى اللَّجنةِ الَّدائمة: (الغَنمُ الَّتي تشرَبُ مِنَ الماءِ النَّجسِ وتأكُلُ النَّجاساتِ، إذا كان ذلك يَغلِبُ على شَرابِها وأكْلِها، فلا يجوزُ شُرْبُ لبَنِها، ولا أكْلُ لحمِها؛ لنَهيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أكْلِ لُحومِ الجَلَّالةِ، وهي: الَّتي تتغذَّى مِنَ النَّجاسةِ). ((فتاوى اللَّجنة الَّدائمة - المجموعة الأولى)) (22/300). وجاء فيها أيضًا: (الجَديُ الذي غُذِيَ بلبَنِ الكَلبِ يَحرُمُ لَحمُه حتَّى يُحبَسَ ويُغذَّى بطاهرٍ). ((فتاوى اللَّجنة الَّدائمة - المجموعة الأولى)) (22/300).  
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه رضي الله عنه، قال: ((نَهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ خَيبرَ عَن لُحومِ الحُمُرِ الأَهليَّةِ، وعنِ الجَلَّالةِ؛ عن رُكوبِها، وأكْلِ لَحمِها )) [317] رواه أبو داودَ (3811)، والنَّسائيُّ (4447)، وأحمدُ (2/219) (7039). وحسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (9/564)، ووَثَّق رجالَه الهَيْثميُّ في ((مجمع الزوائد)) (4/266)، وصحَّح إسنادَه أحمدُ شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (6/12)، وقال الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (3811): حسَنٌ صحيحٌ.  
2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما قال: ((نَهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن لبَنِ شاةِ الجَلَّالةِ )) [318] رواه أبو داودَ (3786)، والتِّرْمذيُّ (1825)، والنَّسائيُّ (4448)، وأحمد (1/226) (1989) واللَّفظ له. قال التِّرْمذي: حسَنٌ صحيحٌ. وصحَّحه ابنُ دقيقِ العيدِ في ((الاقتراح)) (107)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (9/564): على شرطِ البُخاريِّ في رجاله. وصحَّح إسنادَه أحمدُ شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (3/307)، وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (3719)، والوادعيُّ على شرط مسلم في ((الصَّحيح المسنَد)) (664).  
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ ورَد في النَّهيِ عن ذلك، والأصلُ في النَّهيِ التَّحريمُ [319] ((سُبُل السَّلام)) للصَّنعاني (4/77)، ((السيل الجرار)) للشَّوكاني (ص: 728).  
ثانيًا: أنَّها لَمَّا شرِبَتْ أعضاؤُها النَّجاسةَ وانتشرَتْ في أجزائِها؛ كان حُكمُها حُكمَ النَّجاساتِ، أو حُكمَ مَن يَتعيَّشُ بالنَّجاسةِ [320] ((الدرر البهية)) للشَّوكاني (3/32).   ، وصارَت مِنَ الخبائثِ [321] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/304).  

انظر أيضا: