الموسوعة الفقهية

الفرع الرابع: التختُّمُ في اليَمينِ أو اليَسارِ


يجوزُ التخَتُّمُ في اليَمينِ أو اليَسارِ.
الأدِلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ الله عنه: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَبِسَ خاتَمَ فِضَّةٍ في يمينِه، فيه فَصٌّ حَبَشيٌّ، كان يجعَلُ فَصَّه ممَّا يلي كَفَّه )) [864] أخرجه مُسْلِم (2094).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اصطنعَ خاتَمًا مِن ذهَبٍ، فكان يجعَلُ فَصَّه في باطِنِ كَفِّه إذا لَبِسَه، فصنع النَّاسُ، ثُمَّ إنَّه جلَسَ على المِنبَرِ فنَزَعه، فقال: إنِّي كنتُ ألبَسُ هذا الخاتَمَ، وأجعَلُ فَصَّه مِن داخلٍ، فرمى به، ثمَّ قال: واللهِ، لا ألبَسُه أبدًا، فنبَذَ النَّاسُ خواتيمَهم )) وزاد في حديثِ عُقبةَ بنِ خالدٍ: ((وجعَلَه في يَدِه اليُمنى)) [865] أخرَجَه البُخاريُّ (6651)، ومُسْلِم (2091) واللَّفظُ له.
3- عن ثابتٍ: أنَّهم سألوا أنسًا عن خاتَمِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((أخَّرَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِشاءَ ذاتَ لَيلةٍ إلى شَطْرِ اللَّيلِ- أو كاد يذهَبُ شَطْرُ اللَّيلِ- ثمَّ جاء فقال: إنَّ النَّاسَ قد صَلَّوا ونامُوا، وإنَّكم لم تزالوا في صلاةٍ ما انتظَرْتُم الصَّلاةَ، قال أنس: كأنِّي أنظُرُ إلى وَبيصِ خاتَمِه مِن فِضَّةٍ- ورفَعَ إصبَعَه اليُسرى بالخِنصِر )) [866] أخرَجَه البُخاريُّ (572)، ومُسْلِم (640) واللَّفظُ له.
ثانيًا: من الآثارِ
1- عن نافعٍ: (أنَّ ابنَ عُمَرَ كان يلبَسُ خاتَمَه في يَدِه اليُسرى ) [867] أخرجه أبو داود (4228)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6363). صَحَّح إسنادَه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4228).
2- عن جَعفرِ بنِ مُحَمَّد، عن أبيه، قال: (كان الحسَنُ والحُسَينُ يتخَتَّمانِ في يَسارِهما ) [868] أخرجه التِّرمذي (1743) واللَّفظُ له، والطبراني (3/23) (2540)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6366). قال التِّرمذي: حسن صحيح، وصَحَّح الأثر الألباني في ((صحيح سنن التِّرمذي)) (1743).
ثالثًا: من الإجماع
نقَلَ الإجماعَ على جوازِ التخَتُّمِ في اليَمينِ واليَسارِ: النَّوويُّ وغَيرُه [869] قال النووي: (وأمَّا الحُكمُ في المسألةِ عند الفقهاء، فأجمعوا على جوازِ التخَتُّم في اليمينِ، وعلى جوازِه فى اليسارِ، ولا كراهةَ فى واحدةٍ منهما، واختلفوا أيَّتُهما أفضَلُ، فتخَتَّمَ كثيرونَ مِن السَّلَفِ في اليمينِ، وكثيرون في اليَسارِ). ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/73). قال ابنُ عبد البر: (وقد كان التخَتُّم في اليمينِ مباحًا حسنًا؛ لأنَّه قد تختَّمَ به جماعةٌ مِن السَّلَفِ في اليمين، كما تختَّمَ منهم جماعةٌ في الشمال، وقد رُوي عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الوَجهان جميعًا، فلما غلَبَت الرَّوافِضُ على التخَتُّم في اليمينِ ولم يَخلِطوا به غيرَه، كَرِهَه العُلَماءُ؛ مُنابذةً لهم وكراهيةً للتشَبُّهِ بهم، لا أنَّه حرامٌ ولا أنَّه مكروهٌ). ((التمهيد)) (6/80-81). وقال ابن حَجَر: (ونقل النوويُّ وغيرُه الإجماعَ على الجوازِ، ثمَّ قال: ولا كراهةَ فيه- يعني عند الشَّافعيَّة- وإنما الاختلافُ في الأفضلِ). ((فتح الباري)) (10/327).

انظر أيضا: