الموسوعة الفقهية

الفرع الأول: حُكمُ لُبسِ الرَّجُلِ الذَّهَبَ والتزينِ به


المسألة الأولى: استعمالُ الرَّجُلِ لحُلِيِّ الذَّهَبِ
يَحرُمُ على الرِّجالِ استِعمالُ حُلِيِّ الذَّهَبِ [732] أمَّا ما يُعرف بالذهبِ الأبيضِ، فحكمُه حكمُ الذهبِ الأصفرِ سواءً؛ لأنَّه ذهبٌ أصفرُ، تحوَّل للونِ الأبيضِ بإضافةِ بعضِ الموادِّ إليه، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (الذهبَ إذا خُلِط بغيرِه لا يخرجُ عن أحكامِه مِن... تحريمِ لبسِه على الرجالِ...، وتسميتُه ذهبًا أبيضَ لا يخرجُه عن تلك الأحكامِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (24/60). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة [733] ((مختصر القدوري)) (ص: 240)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (10/21). ، والمالِكيَّة [734] ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (1/178)، ((الشرح الكبير)) للدردير (1/62). ، والشَّافعيَّة [735] ((فتح العزيز)) للرافعي (6/27)، ((المجموع)) للنووي (4/440). ، والحَنابِلة [736] ((الإقناع)) للحجاوي (1/275)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (2/238). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [737] قال ابن عَبدِ البَرِّ: (وأجمعوا أنَّ النهيَ عن لباسِ الحريرِ إنَّما خوطِبَ به الرجالُ دون النِّساءِ،... وكذلك التحلِّي بالذَّهَبِ لا يختَلِفونَ في ذلك). ((التمهيد)) (14/241). وقال النووي: (أجمع العُلماءُ على تحريمِ استعمالِ حُلِيِّ الذَّهَبِ على الرجالِ). ((المجموع)) (4/441). وحُكي عن أبى بكرِ بنِ محمَّد بن عمرِو بن حزم التختُّم بالذَّهَبِ، حكاه القاضي عياض. وقال أيضًا: (وقد ذهب بعضُهم إلى أنَّ لُبسَه للرِّجالِ بمعنى الكراهةِ لا التَّحريم). ((إكمال المعلم)) (6/604).  
الأدِلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن ابنِ زُرَيرٍ، أنَّه سَمِعَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضي الله عنه يقولُ: ((إنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخذ حريرًا، فجعَلَه في يمينِه، وأخذ ذهبًا فجعَلَه في شِمالِه، ثمَّ قال: إنَّ هذينِ حرامٌ على ذُكورِ أمَّتي )) [738]  أخرجه أبو داود (4057)، والنَّسائي (5144)، وأحمد (935) واللَّفظُ لهم، وابنُ ماجه (3595) باختلافٍ يسيرٍ. حسَّنَه عليُّ بن المَدِيني كما في ((خلاصة البدر المنير)) (1/26) وقال: ورجالُه معروفون، وصَحَّحه ابنُ العربي في ((أحكام القرآن)) (4/114)، وحسَّنَه النوويُّ في ((المجموع)) (4/440)، والشوكاني في ((الدراري المضية)) (340)، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مُسند أحمد)) (2/186)، وجَوَّد إسناده ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (6/348)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4057).
2- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنه، قال: ((نهاني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن التخَتُّمِ بالذَّهَبِ )) [739] أخرجه مُسْلِم (2078).
المسألة الثانية: لُبسُ الرَّجُلِ الذَّهَبَ اليَسيرَ التَّابِعَ لغَيرِه
يَحرُمُ على الرَّجُلِ لُبسُ الذَّهَبِ اليسيرِ، وإن كان تابعًا لغَيرِه [740] ومن ذلك ما يوجَدُ في الأقلام والسَّاعات والنظَّارات وغيرها، وكذلك المنسوجُ والمطَرَّز والمزرَّر بالذهَبِ. وعلى هذا فلا يجوزُ للرجُلِ لُبسُ ما يسمَّى بالبشت أو المِشلَح المنسوج بالذَّهَب، ولو كان قليلًا، إذا ثبت أنَّه ذهَبٌ، قال ابن عثيمين: (القصَبُ الموجودُ في المشالحِ، يقولون: إنَّه مُحلًّى بالذَّهَب، وبعضُ المشالحِ فيه خيوطٌ- بعضُها إصبعان، وبعضُها ثلاثة، وبعضها أربعةٌ- من الذَّهَب، فالمذهب: إن كان ذهبًا فحرامٌ، ولا يجوز لُبسُه. ولكنْ هذه المسألةُ يعتريها أمران: الأول: أننا لا نسَلِّمُ أنَّ هذا ذهَبٌ، وقد حدَّثنا شيخُنا عبدُ العزيز بن باز- حَفِظَه الله- عن شيخِه محمَّد بن إبراهيم- رحمه الله- أنَّهم اختَبَروا هذا، فوجدوا أنَّه ليس بذهبٍ، وعلى هذا فالمسألةُ غيرُ واردة من الأصل). ((الشرح الممتع)) (6/120). وقد سألْنا من له خبرةٌ في هذه المِهنةِ عُقودًا مِن الزَّمَنِ، فأفاد أنَّها مِن الفِضَّة، وتُطلى باللَّونِ الذَّهَبي، ونفى ما يُشاع أنَّها من الذهَبِ. ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة [741] ((المجموع)) للنووي (4/441). ، وقولُ بعضِ المالِكيَّة [742] ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (1/183). ، وقولٌ عند الحَنابِلة [743] ((شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة)) لابن تيمية (ص: 310)، ((تصحيح الفروع)) للمرداوي (4/159). ، واختيارُ الشَّوكانيِّ [744] قال الشوكاني: (أمَّا حِليةُ الذَّهَبِ فلا شَكَّ؛ لورود الأدِلَّة الدالةِ على تحريمِ قليلِها وكثيرِها). ((السيل الجرار)) (ص: 737).
الأدِلَّةُ مِن السُّنَّةِ:
1- عن ابنِ زُرَيرٍ، أنَّه سَمِعَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رضي الله عنه يقولُ: ((إنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخذ حريرًا، فجعَلَه في يمينِه، وأخذ ذهبًا فجعَلَه في شِمالِه، ثمَّ قال: إنَّ هذينِ حرامٌ على ذُكورِ أمَّتي )) [745]  أخرجه أبو داود (4057)، والنَّسائي (5144)، وأحمد (935) واللَّفظُ لهم، وابنُ ماجه (3595) باختلافٍ يسيرٍ. حسَّنَه عليُّ بن المَدِيني كما في ((خلاصة البدر المنير)) (1/26) وقال: ورجالُه معروفون، وصَحَّحه ابنُ العربي في ((أحكام القرآن)) (4/114)، وحسَّنَه النوويُّ في ((المجموع)) (4/440)، والشوكاني في ((الدراري المضية)) (340)، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مُسند أحمد)) (2/186)، وجَوَّد إسناده ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (6/348)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4057).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّهيَ في الحديثِ يشمَلُ عُمومَ الذَّهَبِ؛ قليلَه وكثيرَه [746] ((المجموع)) للنووي (4/440).
2- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال: ((نهاني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن التخَتُّمِ بالذَّهَبِ )) [747] أخرجه مسلم (2078).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد حَرَّم الخاتَمَ مع قِلَّتِه [748] ((المجموع)) للنووي (4/440).
المسألة الثالثة: اتِّخاذُ الأنفِ والسِّنِّ مِن الذَّهَب
يجوزُ اتِّخاذُ الأنفِ والسِّنِّ مِن الذَّهَبِ، إذا دَعَت الضَّرورةُ إلى ذلك، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة [749] ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (1/181)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني)) (1/66)، ((منح الجليل)) لعليش (1/58). ، والشَّافعيَّة [750] ((فتح العزيز)) للرافعي (6/27)، ((المجموع)) للنووي (1/256). ، والحَنابِلة [751] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (1/433)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (2/238). ، وهو قولُ مُحمَّدِ بنِ الحسَنِ، وقولٌ عند أبي حنيفة، وأبي يوسُفَ [752] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (8/533)، ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (4/82).
الأدِلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ طَرَفةَ: ((أنَّ جَدَّه عَرفجةَ بنَ أسعدَ قُطِعَ أنفُه يومَ الكُلابِ، فاتَّخَذ أنفًا مِن وَرِقٍ، فأنتَنَ عليه، فأمَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فاتَّخَذ أنفًا مِن ذهَبٍ )) [753] أخرجه أبو داود (4232) واللَّفظُ له، والتِّرمذي (1770)، والنَّسائي (5161)، وأحمد (19006). قال التِّرمذي: حسن غريب، وحَسَّنَه النووي في ((المجموع)) (1/254)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4232).
وجه الدلالة:
دلَّ الحديثُ على إباحةِ استعمالِ اليسيرِ مِن الذهبِ للرجالِ عندَ الضرورةِ، كربطِ الأسنانِ به [754] يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (4/215).
ثانيًا: أنَّه جاز ذلك في الذهبِ؛ للضرورةِ إليه، لما فيه مِن الخاصيةِ التي لا تكونُ لغيره [755] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني)) (1/66).
المسألة الرابعة: حُكمُ لُبسِ الرَّجُلِ للمَطليِّ بالذَّهَبِ
يَحرُمُ على الرَّجُلِ لُبسُ المَطلِيِّ [756] أمَّا مجردُ اللونِ الذهبيِّ فلا شيءَ فيه. بالذَّهَبِ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة [757] ((المجموع)) للنووي (4/441 ،442)، ويُنظر: ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/32). ، والحَنابِلة [758] ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مُفلِح (1/327)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (1/282). ، وبه قال ابنُ باز [759] قال ابن باز: (ليس للرجُلِ أن يلبَسَ الذَّهَب ولا خاتَمَ الذَّهَب، ولا المُمَوَّه بذلك). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (19/72). ، وابنُ عُثيمين [760] قال ابن عثيمين: (...أمَّا لُبسُ ساعةٍ مُحَلَّاةٍ بالذهب، فإنَّه لا يجوزُ؛ لأنَّ الذهَبَ حرامٌ على الرِّجالِ، لكن إذا كانت السَّاعةُ مطليَّةً بالذَّهَب، والذَّهَبُ فيها مجرَّد لونٍ فقط، فهي جائزة، ولكن لا ينبغي للإنسانِ أن يلبَسَها لوجهين: الوجه الأول: أنَّه يُساءُ به الظَّنُّ أنَّه لَبِسَ ساعةً مِن ذهب؛ لأنَّ النَّاسَ لا يدرون. الوجه الثاني: أنَّه ربما يُقتَدى به، فالنَّاسُ يقتدي بعضُهم ببعضٍ. فنقول للإنسانِ إذا أتته ساعةٌ مَطليَّةٌ بذَهَبٍ هَدِيةً أو نحو ذلك: الأفضلُ ألَّا تَلبَسَها، وإنْ لَبِستَها فلا حرَجَ. لكنَّ العُلَماءَ اشتَرَطوا في المَطلِيَّة بالذَّهَبِ ألَّا يكونَ للذَّهَبِ جِرمٌ، أي: قِشرةٌ، بحيث يخرجُ منه شيءٌ لو حُكَّ أو عُرِضَ على النَّارِ، فأمَّا مُجَرَّدُ اللونِ، فلا بأس).((الشرح الممتع)) (6/118).
الأدِلَّةُ مِن السُّنَّةِ:
1- عن ابنِ زُرَيرٍ رضي الله عنه، أنَّه سَمِعَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ يقولُ: ((إنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخذ حريرًا، فجعَلَه في يمينِه، وأخذ ذهبًا فجعَلَه في شِمالِه، ثمَّ قال: إنَّ هذينِ حرامٌ على ذُكورِ أمَّتي )) [761]  أخرجه أبو داود (4057)، والنَّسائي (5144)، وأحمد (935) واللَّفظُ لهم، وابنُ ماجه (3595) باختلافٍ يسيرٍ. حسَّنَه عليُّ بن المَدِيني كما في ((خلاصة البدر المنير)) (1/26) وقال: ورجالُه معروفون، وصَحَّحه ابنُ العربي في ((أحكام القرآن)) (4/114)، وحسَّنَه النوويُّ في ((المجموع)) (4/440)، والشوكاني في ((الدراري المضية)) (340)، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مُسند أحمد)) (2/186)، وجَوَّد إسناده ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (6/348)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4057).
2- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال: ((نهاني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن التخَتُّمِ بالذَّهَبِ )) [762] أخرجه مُسْلِم (2078).
وَجهُ الدَّلالةِ من الحديثين:
أنَّ النَّهيَ في الحديثَينِ يشمَلُ عُمومَ الذَّهَبِ؛ قليلَه وكثيرَه [763] ((المجموع)) للنووي (4/440).

انظر أيضا: