الموسوعة الفقهية

المطلب الثامن: التيامُن


يُستحبُّ التيامُنُ في غَسلِ أعضاء الوُضوءِ لكن مَن قدَّم اليُسرى على اليُمنى، فوضوءُه صحيح، ولا إعادةَ عليه، بإلإجماعِ. قال ابن المُنذِر: (أجمعوا على أنْ لا إعادةَ على مَن بدأ بيسارِه قبل يمينِه في الوضوء). ((الإجماع)) (ص: 35) وقال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمعوا أنَّ مَن غَسل يُسرى يديه قبل اليُمنى أنَّه لا إعادةَ عليه). ((الاستذكار)) (1/128). وقال ابن تيميَّة: (لو بدأ في الطَّهارةِ بمياسِرِه قبل ميامنه، كان تاركًا للاختيارِ، وكان وضوءُه صحيحًا من غيرِ نزاعٍ أعلَمُه بين الأئمَّة). ((مجموع الفتاوى)) (32/209).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه توضَّأ فغسَلَ وَجهَه، أخذ غَرفةً مِن ماءٍ، فمضمض بها واستنشَقَ، ثم أخَذ غَرفة من ماءٍ، فجعل بها هكذا، أضافها إلى يَدِه الأخرى، فغَسَلَ بهما وجهَه، ثمَّ أخَذ غَرفةً من ماءٍ، فغَسَل بها يدَه اليُمنى، ثمَّ أخَذ غَرفةً من ماءٍ، فغسَل بها يده اليُسرى، ثمَّ مسَح برأسه، ثمَّ أخَذ غَرفةً من ماءٍ، فرَشَّ على رِجله اليُمنى حتَّى غسَلَها، ثم أخَذ غَرفةً أخرى، فغسَل بها رِجله، يعني: اليُسرى، ثمَّ قال: هكذا رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأ )) رواه البخاري (140).
2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا لَبِستم وإذا توضَّأتم، فابدؤوا بأيامنِكم ))، وفي رواية: ((بميامنِكم)) رواه أبو داود (4141) واللفظ له، وابن ماجه (402) (8637). صحَّحه النووي في ((رياض الصالحين)) (297)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (2/200)، وقال ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/148): صحيح غريب، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (16/267)، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (10/108)، وصححه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (4141)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسنَد)) (1319) وقال: على شرْط البخاري.
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعجِبه التيمُّن في تنعُّله وترجُّله وطُهورِه، وفي شأنِه كلِّه )) رواه البخاري (168) واللفظ له، ومسلم (268).
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (أمَّا غَسلُ اليدين، فقد أجمعوا أنَّ الأفضلَ أن يغسِلَ اليُمنى قبل اليُسرى، وأجمعوا أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كذلك كان يتوضَّأ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يحبُّ التيامُنَ في أمرِه كلِّه؛ في وضوئِه، وانتعالِه، وغيرِ ذلك مِن أمرِه، وكذلك أجمعوا أنَّ مَن غَسَلَ يسرى يديه قبل يمناه أنَّه لا إعادةَ عليه). ((التمهيد)) (20/122). ، وأبو الوليد الباجيُّ قال أبو الوليد الباجيُّ: (وقوله: (ثمَّ غَسَل يده اليمنى، ثمَّ غسَل يده اليسرى)، إخبارٌ عن استعماله التيمُّنَ في غَسلِه والترتيبِ فيها، ولا خلاف أنَّ هذا الترتيبَ مُستحَبٌّ، وليس بمستحَقٍّ، والله أعلم). ((المنتقى)) (1/96). ، وابنُ العربي قال ابنُ العربي: (قوله: (فإذا غسَل يديه) فذكَر مجموعهما؛ ولأجْل هذا اتَّفق العلماءُ على سقوطِ الترتيبِ بينهما). ((عارضة الأحوذي)) (1/11). ، وابن قدامة قال ابن قدامة: (لا خلافَ بين أهلِ العِلمِ- فيما علِمنا- في استحبابِ البَداءة باليُمنى... وأجمعوا على أنَّه لا إعادةَ على مَن بدأ بيساره قبل يمينِه) ((المغني)) (1/81). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (تقديمُ الُيمنى سنَّةٌ بالإجماع، وليس بواجبٍ بالإجماع؛ قال ابن المُنذِر: أجمعوا على أنَّه لا إعادةَ على مَن يبدأ بيسارِه، وكذا نقَل الإجماعَ فيه آخرون). ((المجموع)) (1/383). ، والعينيُّ قال العينيُّ في سياق ذِكر بعض الفوائد: (الخامس: فيه البَداءةُ باليُمنى، وهو سُنَّة بالإجماع). ((عمدة القاري)) (2/266).

انظر أيضا: