الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ


رَمْيُ الجِمارِ واجبٌ في الحَجِّ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مِثْلَ حَصَى الخَذْفِ، رمى مِن بَطْنِ الوادي )) رواه مسلم (1218)
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثبت عنه في هذا الحديثِ وفي أحاديثَ كثيرةٍ أنَّه رمى الجَمْرة قال الشوكاني: (قد صحَّ مِن قِبَلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الصِّفةِ الثابتةِ في الأحاديث المشتمِلَةِ على بيانِ حَجِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكان رَمْيُها مَنْسَكًا من مناسِكِ الحجِّ؛ لِمَا قَدَّمْنا من أنَّ فِعْلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لبيانِ مُجمَل الكتاب والسنَّة، ومن جملة ذلك ما في حديثِ جابرٍ رَضِيَ الله عنهما الثابتِ في الصحيحِ؛ قال: ((رَمَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجَمْرةَ يومَ النَّحْرِ ضُحًى، وأمَّا بَعْدُ فإذا زالتِ الشَّمسُ))). ((السيل الجرار)) (ص: 328)، ويُنْظَر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/136). ، والأصلُ في أفعالِه في الحجِّ الوُجوبُ؛ لأنَّ أفعالَه فيها وَقَعَت بيانًا لمُجْمَلِ الكتابِ، ولِقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لِتَأخُذوا مَناسِكَكم )) رواه مسلم (1297) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقف في حجَّةِ الوداعِ فجعلوا يسألونَه، فقال رجلٌ: لم أشْعُرْ فحَلَقْتُ قبل أن أذبَحَ؟ قال: اذبَحْ ولا حَرَجَ، فجاء آخَرُ، فقال: لم أشعُرْ فنَحَرْتُ قبل أن أرْمِيَ؟ قال: ارْمِ ولا حَرَجَ )) رواه البخاري (1736) واللفظ له، ومسلم (1306).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه أَمَر بالرَّمْيِ، وظاهِرُ الأمْرِ يقتضي الوجوبَ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/136).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على وجوبِ الرَّميِ: الكاسانيُّ قال الكاساني: (إنَّ الأمَّةَ أجمعَتْ على وجوبِه) ((بدائع الصنائع)) (2/136) ، والنوويُّ قال النووي: (رميُ جَمْرة العَقَبة واجبٌ بلا خلافٍ) ((المجموع)) (8/162)، ((شرح النووي على مسلم)) (9/42). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (وعليه أيضًا رمي الجِمارِ أيامَ مِنًى باتفاقِ المسلمين) ((مجموع الفتاوى)) (17/460). ، والشنقيطيُّ قال الشنقيطي: (إذا عرفتَ أقوالَ أهل العلم في حُكْمِ من أخلَّ بشيءٍ مِنَ الرمي، حتى فات وقتُه، فاعلم أنَّ دليلَهم في إجماعِهم على أنَّ مَن تَرَك الرميَ كُلَّه وجب عليه دَمٌ، هو ما جاء عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال: (من نَسِيَ مِن نُسُكِه شيئًا، أو تَرَكَه، فلْيُهْرِق دمًا)، وهذا صحَّ عن ابن عبَّاس موقوفًا عليه، وجاء عنه مرفوعًا ولم يَثْبُت) ((أضواء البيان)) (4/472).

انظر أيضا: