الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: حُكمُ صَومِ مَن سَفَرُه شِبْه دائِمٌ


يُباحُ الفِطرُ لِمَن كان سَفَرُه شِبْهَ دائمٍ، كسائِقِي الطَّائراتِ والقِطاراتِ والشَّاحنات ونحوِهم، إذا كان له بلدٌ يأوي إليه، وهذا اختيارُ ابنِ تَيميَّةَ قال ابنُ تيمية: (ويُفطِرُ مَن عادَتُه السَّفَرُ إذا كان له بلدٌ يأوي إليه، كالتَّاجِرِ الجَلَّاب الذي يجلِبُ الطَّعامَ وغَيرَه مِنَ السِّلَع، وكالمكاري الذي يكري دوابَّه مِنَ الجلَّابِ وغيرهم، وكالبريدِ الذي يسافِرُ في مصالِحِ المسلمين ونحوهم، وكذلك الملَّاحُ الذي له مكانٌ في البَرِّ يسكُنُه، فأمَّا من كان معه في السفينةِ امرأتُه وجميعُ مصالِحِه ولا يزالُ مسافرًا، فهذا لا يَقصُرُ ولا يُفطِرُ. وأهل البادية: كأعرابِ العَرَب والأكراد والتُّرك وغيرهم الذين يَشتُونَ في مكانٍ ويصِيفونَ في مكانٍ إذا كانوا في حالِ ظَعْنِهم مِنَ المشتى إلى المَصيف ومِنَ المصيف إلى المَشتى، فإنَّهم يَقصُرون. وأما إذا نزَلوا بمشتاهم ومَصيفهم لم يُفطِروا ولم يَقصُروا، وإن كانوا يتتبَّعون المراعِيَ، والله أعلم) ((مجموع الفتاوى)) (25/213). ، وابن عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (يجوز له أن يُفطِرَ في هذه الحالِ، ولو كان دائمًا يسافِرُ في هذه السيارةِ؛ لأنَّه ما دام له مكانٌ يأوي إليه وأهلٌ يأوي إليهم، فهو إذا فارَقَ هذا المكانَ وأولئك الأهلَ فهو مُسافِرٌ، وعلى هذا فيجوزُ له أن يفعَلَ ما يفعَلُه المسافِرونَ؛ فإنَّ اللهَ تعالى قد أطلَقَ في الآيةِ، فقال: أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ولم يُقَيِّدْه بشيءٍ، فما أطلَقَه اللهُ تعالى ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّه يجِبُ العَمَلُ بِمُطلَقِه) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (19/141).
الدَّليل من الكتاب:
قولُه تعالى: فَمَن كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
وجه الدَّلالة:
أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أطلَقَ إباحةَ الترخُّصِ بالسَّفَرِ، ولم يُقَيِّدْه بشيءٍ ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (19/141).

انظر أيضا: