الموسوعة الفقهية

المبحث الأول: خصائصُ شَهرِ رَمَضان


1- فيه أُنزِلَ القُرآنُ:
الدَّليل من الكتاب
قولُه تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة: 185]
وكان هذا في ليلةِ القَدرِ مِن رمضانَ، قال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر: 1]
وقال سبحانه: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ [الدخان: 3]
2- فيه تُفَتَّحُ أبوابُ الجنَّةِ، وتُغَلَّقُ أبوابُ النَّارِ، وتُصَفَّدُ الشَّياطينُ:
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا جاء رمضانُ فُتِّحَت أبوابُ الجنَّة، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ، وصُفِّدَت الشَّياطينُ )) رواه البخاري (3277)، ومسلم (1079) واللفظ له.
3- العُمرةُ فيه تعدِلُ حَجَّةً:
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لامرأةٍ مِنَ الأنصارِ: ما منعَكِ أن تحجِّي معنا؟ قالت: لم يكُنْ لنا إلَّا ناضحانِ، فحَجَّ أبو وَلَدِها وابنُها على ناضحٍ، وترك لنا ناضحًا ننضَحُ عليه. قال: فإذا جاء رمضانُ فاعتَمِري؛ فإنَّ عُمرةً فيه تعدِلُ حَجَّةً )) رواه البخاري (1782)، ومسلم (1256).
وفي روايةٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((لَمَّا رجَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن حَجَّتِه قال لأمِّ سِنانٍ الأنصاريَّة: ما منعَكِ مِنَ الحَجِّ؟ قالت: أبو فلان- تعني زوجَها- كان له ناضحانِ؛ حَجَّ على أحَدِهما، والآخَرُ يَسقِي أرضًا لنا. قال: فإنَّ عُمرةً في رمضانَ تَقضي حَجَّةً معي )) رواه البخاري (1863)، ومسلم (1256).
- وهذا الفَضلُ ليس مختصًّا بهذه المرأةِ وَحدَها، بل هو عامٌّ لجميعِ المُسلمين قال ابنُ حجر: (والظَّاهِرُ حَملُه على العُمومِ كما تقَدَّمَ) ((فتح الباري)) (3/605). وقال ابنُ عُثيمين: (والصَّحيحُ أنَّها عامَّةٌ خلافًا لِمَن قال: إنَّ هذا الحديثَ ورَدَ في المرأةِ التي تخلَّفَتْ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحَجِّ، فقال لها: ((عُمرةٌ في رَمَضانَ تَعدِلُ حَجَّةً معي))، فإنَّ بَعضَ العُلَماءِ قال: إنَّ هذا خاصٌّ بهذه المرأةِ، يريد أن يُطَيِّبَ قَلْبَها، ولكنَّ الصَّوابَ أنَّها عامَّةٌ) ((الشرح الممتع)) (7/378). قال ابنُ باز: (أفضَلُ زمانٍ تؤدَّى فيه العمرةُ: شَهرُ رَمَضانَ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/431).
- وكان السَّلَفُ رَحِمَهم اللهُ يُسَمُّونَ العُمرةَ في رمضانَ: الحَجَّ الأصغرَ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/137). ؛ لأنَّ المُعتَمِرَ في رمضانَ إن عاد إلى بلَدِه فقد أتى بسفرٍ كاملٍ للعُمرةِ ذَهابًا وإيابًا في شَهرِ رَمضانَ، فاجتمَعَ له حُرمةُ شَهرِ رَمضانَ وحُرمةُ العُمرةِ، وصار ما في ذلك مِن شَرَفِ الزَّمان والمَكان، يناسِبُ أن يُعدَلَ بما في الحَجِّ مِن شَرَفِ الزَّمان- وهو أشهُرُ الحَجِّ- وشرَفِ المكان ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (26/293).
- كما أنَّ هذه العُمرةَ لا تُغني عن حَجَّةِ الإسلامِ الواجِبةِ، بإجماعِ أهلِ العِلمِ قال ابنُ بطَّالٍ: (قوله: "فإنَّ عمرة فيه كحجة" يدل أنَّ الحج الذى ندبها إليه كان تطوعًا؛ لإجماع الأمة أنَّ العمرة لا تجزئ من حجة الفريضة) ((شرح صحيح البخاري)) (4/438). وينظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (3/604). وقال النووي: (وفي الرواية الأخرى (تقضي حَجَّةً)، أي تقومُ مَقامَها في الثَّوابِ، لا أنَّها تَعدِلُها في كلِّ شَيءٍ فإنَّه لو كان عليه حَجَّةٌ فاعتمَرَ في رمضانَ، لا تُجزِئُه عَنِ الحَجَّةِ). ((شرح النووي على مسلم)) (9/2). وقال ابنُ تيمية: (المُشَبَّه ليس كالمُشَبَّهِ به من جميعِ الوُجوهِ، لا سيما في هذه القِصَّةِ؛ باتفاقِ المسلمين) ((مجموع الفتاوى)) (26/293). وقال ابنُ حجر: (فالحاصِلُ أنَّه أعلَمَها أنَّ العُمرةَ في رمَضانَ تَعدِلُ الحجَّةَ في الثَّوابِ، لا أنَّها تقومُ مَقامَها في إسقاطِ الفَرضِ؛ للإجماعِ على أنَّ الاعتمارَ لا يُجزِئُ عن حَجِّ الفَرضِ، ونقل التِّرمذي عن إسحاقَ بنِ راهَوَيهِ أنَّ معنى الحديثِ نظيرُ ما جاء أنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تعدِلُ ثلُثَ القُرآنِ) ((فتح الباري)) (3/604)، وانظر ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (3/500)، ((شرح النووي على مسلم)) (9/2)، ((الفروع)) لابن مفلح (5/321)، ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/70-71). ، فلا يَلزَمُ من معادَلةِ الشَّيءِ للشَّيءِ أن يكون مُجْزِئًا عنه، فهو يعادِلُه في الثَّوابِ لا في الإجزاءِ عنه ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/71).

انظر أيضا: