الموسوعة الفقهية

المبحث الثالث: اجتنابُ الصَّائِم للمُحَرَّمات والاشتغالُ بالطَّاعات


يَنبغي على الصَّائِم اجتنابُ المعاصي؛ فهي تجرَحُ الصَّومَ، وتَنقُصُ الأجْرَ   ((المجموع)) للنووي (6/356)، ((شرح النووي على مسلم)) (8/28 - 29)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/320)، ((فتح الباري)) لابن حجر (4/104). ، وذلك مِثل الغِيبةِ، والنَّميمةِ، والكَذِب، والغِشِّ، والسُّخريةِ مِنَ الآخَرينَ، وسماعِ المعازِفِ، والنَّظرِ إلى المحرَّماتِ، وغيرِ ذلك مِن أنواعِ المعاصي والمُنكَراتِ.
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن لم يَدَعْ قَولَ الزُّورِ والعَمَلَ به، والجَهْلَ؛ فليس للهِ حاجةٌ أن يدَعَ طعامَه وشَرابَه قال ابنُ حجر: (والمرادُ بِقَولِ الزُّورِ: الكَذِبُ. والجَهلُ: السَّفَهُ، والعَمَلُ به: أي بمُقتَضاه) ((فتح الباري)) (4/117)، وقيل: الجهلُ هو الظُّلم. ((الحلل الإبريزية)) لابن باز (2/121).  قال ابنُ عُثيمين: (قَولُ الزُّورِ: كلُّ قَولٍ محرَّمٍ، والعمَلُ بالزُّورِ: كلُّ فِعلٍ محرَّم) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (19/27). )) رواه البخاري (1903).
فالصِّيامُ مدرسةٌ عظيمةٌ، فيها يكتَسِبُ الصَّائِمونَ فضائِلَ جليلةً، ويتخلَّصونَ مِن خصالٍ ذميمةٍ؛ يتعوَّدونَ على تَرْكِ المُحَرَّماتِ، ويُقلِعونَ عَن مُقارَفةِ السيِّئاتِ.
2- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((وإذا كان يومُ صَومِ أحَدِكم فلا يَرْفُثْ قال ابنُ حجر: (والمرادُ بالرَّفَثِ هنا:... الكلامُ الفاحِشُ، وهو يُطلَقُ على هذا، وعلى الجِماع، وعلى مُقَدِّماتِه، وعلى ذِكْرِه مع النِّساءِ أو مطلقًا، ويحتمل أن يكونَ لِمَا هو أعَمُّ منها) ((فتح الباري)) (4/104). ، ولا يصخَبْ الصَّخَب: الخِصامُ والصِّياحُ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (4/118). فإن سابَّه أحدٌ، أو قاتَلَه، فليقُلْ: إنِّي امْرؤٌ صائِمٌ )) رواه البخاري (1904)، ومسلم (1151).
وفي روايةٍ أخرى عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أيضًا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أصبَحَ أحدُكم يومًا صائمًا فلا يرْفُثْ ولا يَجهَلْ قال النووي: (الجهلُ قَريبٌ مِنَ الرَّفَثِ، وهو خلافُ الحِكمةِ، وخلافُ الصَّوابِ مِن القَولِ والفِعلِ) ((شرح النووي على مسلم)) (8/28). وقال ابنُ حجر: (قولُه: ولا يَجهَل، أي لا يفعَلْ شيئًا مِن أفعالِ أهلِ الجَهلِ؛ كالصِّياحِ والسَّفَهِ) ((فتح الباري)) (4/104). وقال ابنُ عُثيمين: (ولا يجهَلْ: يعني: لا يعتَدِ على أحدٍ، وليس المراد: لا يَجهَل، يعني: يتعَلَّم، ولكنَّه الجَهلُ مِنَ الجهالةِ لا مِنَ الجَهلِ...) ((شرح صحيح مسلم)) (4/119). فإنِ امرؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَه، فلْيَقلْ: إنِّي صائِمٌ، إنِّي صائِمٌ )) رواه البخاري (1894)، ومسلم (1151) واللفظ له.
كما أنَّه حَرِيٌّ بالصَّائِم الذي امتنَعَ عن المُباحاتِ مِنَ المفطِّراتِ، وابتعَدَ عن جميعِ المحرَّمات؛ أن يكون دَيدنَه الاشتغالُ بالطَّاعاتِ؛ كقراءةِ القُرآنِ الكريمِ، وكثرةِ الذِّكرِ، والدعاءِ، والإحسانِ إلى الآخَرينَ، وغيرِ ذلك.

انظر أيضا: