الموسوعة الفقهية

المبحث السَّادس: الصَّدقة على الكافر


تجوزُ الصَّدقةُ على الكافِرِ ما عدا الحربيَّ، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) و((حاشية الشلبي)) (1/300), ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 473). ، والمالكيَّة ((حاشية العدوي)) (2/265)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (7/14). ، واختاره الأذرعيُّ والشربينيُّ من الشافعيَّة قال الخطيب الشربينيُّ: (وتحِلُّ لشخصٍ (كافر)... تنبيه: قضيَّةُ إطلاقِه الكافرَ أنَّه لا فرْقَ بين الحربيِّ وغَيرِه، وهو ما في البيانِ عن الصيمري. والأوجَهُ ما قاله الأذرعيُّ من أنَّ هذا فيمَن له عهدٌ أو ذمَّة، أو قرابةٌ، أو يُرجَى إسلامُه، أو كان بأيدينا بأسْرٍ ونَحوِه،  فإن كان حربيًّا ليس فيه شيءٌ ممَّا ذُكِرَ، فلا) ((مغني المحتاج)) (3/121). ، واختاره ابنُ باز قال ابنُ باز: (الصدقةُ على غيرِ المُسلمينَ جائزةٌ، إذا كانوا ليس حربًا لنا، إذا كان الكفارُ ليسوا حربًا لنا، في حالِ أمانٍ وهُدنةٍ ومعاهدةٍ ونحو ذلك، فلا بأسَ؛ لقولِ اللهِ عَزَّ وجلَّ: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ **الممتحنة: 8**.) ((فتاوى نور على الدرب- الموقع الرسمي للشيخ ابن باز)). ، وابن عُثيمين قال ابنُ عُثيمِين: ((تجوز الصَّدقةُ على الكافِرِ بشرْط: ألَّا يكونَ مِمَّن يُقاتِلونَنا في دِينِنا، ولم يُخرجُونا مِن ديارِنا، لكِنْ إذا كان قومُه يُقاتلونَنا في الدِّينِ أو يُخرِجونَنا مِن ديارنا، فلا نتصدَّقُ عليه؛ لأنَّنا إذا تصدَّقْنا عليه وفَّرْنَا وجبةً مِنَ الوجباتِ، والوجبةُ تكونُ بعشرةِ ريالاتٍ، العشرةُ هذه يوفِّرُها لِدَولَتِه ويستعينُ الكفَّارُ بها على المسلمينَ، فإذا كان مِن قَومٍ لا يقاتِلونَنا في دِينِ اللهِ ولا يُخرجوننا مِن ديارنا، فلا بأسَ أن نتصدَّقَ عليه)). ((لقاء الباب المفتوح)) اللقاء رقم 100 السؤال 31.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
1- قال اللهُ تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّما يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ [الممتحنة: 8-9]
وجه الدَّلالة:
 دلَّتِ الآيةُ على جوازِ الصَّدقةِ على الكافِرِ بشرْط: ألَّا يكونَ مِمَّن يقاتلونَنا في دِينِنا، ولم يُخرِجونا مِن ديارِنا ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عُثيمين (اللقاء رقم 100 السؤال 31).
2- وقال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2]
وجه الدَّلالة:
أنَّ في الدَّفعِ إلى الحربيِّ إعانةً له على الحَربِ مع المُسلمين، وهذا مِنَ الإثمِ والعُدوانِ الذي نُهينَا عنه ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/104).
ثانيًا: من السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ امرأةً يهوديَّةً سألتْها فأعطَتْها، فقالت لها: أعاذَكِ اللهُ مِن عذابِ القَبرِ، فأنكرتْ عائشةُ ذلك، فلمَّا رأتِ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالت له، فقال: لا، قالتْ عائِشةُ: ثم قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بعد ذلك: إنَّه أُوحِيَ إليَّ أنَّكم تُفتَنونَ في قُبورِكم )) رواه أحمد (6/238) (26050) واللفظ له، وهو بنحوه في البخاري (1049)، ومسلم (903).
وجهُ الدَّلالة:
أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُنكِرْ على عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها إعطاءَها لليهوديَّة، ولو كان غيرَ جائزٍ لأنكَرَه؛ إذ تأخُّرُ البيانِ عَن وَقتِ الحاجةِ غَيرُ جائزٍ.
ثالثًا: أنَّ الواجِبَ مع الحربيِّ كَبْتُه وإضعافُه، لا مواساتُه وتقويَتُه بالصَّدقةِ ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (11/424).


انظر أيضا: