الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: الصدقة عن الميِّت


تجوز الصَّدقةُ عن الميِّت، ويصِلُ ثوابُها إليه.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رجلًا قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ أمِّي افتُلتَتْ افتُلِتَت نفسُها: ماتت فجأةً، وأُخِذَت نفسُها فلتةً. ((النهاية)) لابن الأثير (3/467). نفسُها، وأظنُّها لو تكلَّمَتْ تصدَّقَتْ؛ فهل لها أجرٌ إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: نعمْ )) رواه البخاري (1388)، ومسلم (1004)
2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رجلًا قال للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ أبي مات، وترك مالًا، ولم يُوصِ؛ فهل يكفِّرُ عنه إن تصدَّقْتُ عنه؟ فقال: نعمْ )) رواه مسلم (1630)
3- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاس رضي الله عنهما: ((أنَّ سعدَ بنَ عُبادة تُوفِّيتْ أمُّه وهو غائبٌ عنها، فأتى النبيَّ فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أمِّي تُوفِّيَتْ وأنا غائِبٌ عنها؛ فهل ينفَعُها إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: نعم، قال: فإنِّي أُشهِدُك أنَّ حائِطي المِخْرافَ المِخْرافُ: المكانُ المُثمِرُ؛ سُمِّي بذلك لِمَا يُخرَفُ منه، أي: يُجنَى مِنَ الثَّمَرة. ((فتح الباري)) لابن حجر (5/386). صدقةٌ عنها )) رواه البخاري (2756)
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على جوازِ الصَّدَقةِ عَنِ الميِّت، ووصولِ ثَوابِها إليه قصَر بعضُ العُلَماءِ جوازَ الصَّدقةِ ووصولَ ثوابِها على الوالدَينِ فقط، انظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/112)، ((أحكام الجنائز)) للألباني (ص: 173). : ابنُ عَبدِ البَرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (أمَّا الصَّدقةُ عَنِ الميِّت؛ فمُجتَمَعٌ على جوازِها، لا خلاف بين العُلَماءِ فيها) ((التمهيد)) (20/27). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أجمع المسلمونَ على أنَّ الصَّدقةَ عن الميِّتِ تَنفَعُه وتَصِلُه). ((المجموع)) (5/323). وقال أيضًا وهو يتكلَّم عن حديث: ((إنَّ أمِّي افتُلِتَت نفسُها)): (في هذا الحديث أنَّ الصَّدَقةَ عَنِ الميِّتِ تَنفَعُ الميِّتَ ويَصِلُه ثوابُها، وهو كذلك بإجماعِ العُلَماءِ) ((شرح النووي على مسلم)) (7/90). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (أمَّا الصَّدقةُ عَنِ الميِّتِ، فإنَّه يُنتَفَعُ بها باتِّفاقِ المُسلمين). ((مجموع الفتاوى)) (24/314). وقال أيضًا: (الأئمَّة اتَّفقوا على أنَّ الصَّدَقةَ تَصِلُ إلى الميِّتِ، وكذلك العباداتُ الماليَّةُ: كالعتق). ((مجموع الفتاوى)) (24/309). ، وابنُ القيِّم قال ابنُ القيِّم: (هل تنتفِعُ أرواحُ الموتى بشيءٍ مِن سعْيِ الأحياءِ أم لا؟... فالجواب: أنَّها تَنتَفِعُ مِن سعْيِ الأحياءِ بأمرَينِ مُجمَعٌ عليهما بين أهلِ السُّنةِ مِنَ الفُقهاءِ وأهلِ الحديثِ والتَّفسيرِ؛ أحدهما: ما تسبَّب إليه الميِّتُ في حياتِه. والثاني: دعاءُ المُسلمينَ له واستغفارُهم له والصَّدَقة). ((الروح لابن القيم)) (ص: 117).
ثالثًا: أنَّ وُصولَ ثَوابِ الصَّدقةِ إلى الميِّتِ هو محضُ القِياسِ؛ فإنَّ الثوابَ حقٌّ للعامِلِ، فإذا وهَبَه لأخيه المُسلمِ لم يمنعْ مِن ذلك، كما لم يمنَعْ مِن هِبَةِ مالِه في حياتِه وإبرائِه له مِن بَعدِ مَوتِه ((الروح لابن القيم)) (ص: 122).

انظر أيضا: