الموسوعة الفقهية

الفصل الخامس: مَصرِفُ زكاةِ الفِطرِ


اختلف العلماءُ في مصرِف زكاةِ الفِطرِ على قولين:
القول الأوّل: أنَّ مَصرِفَ زكاةِ الفِطرِ هو مَصرِفُ زكاةِ المالِ في الأصنافِ الثَّمانيةِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 476)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/368). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/186)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير للماوردي)) (3/387). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/246)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/98).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال اللهُ تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60]
وجه الدَّلالة:
أنَّ زكاةَ الفِطرِ داخلةٌ تحت مسمَّى الصَّدقةِ في الآيةِ ((الحاوي الكبير للماوردي)) (3/387).
ثانيًا: أنَّها صَدَقةٌ واجبةٌ، فوجب ألَّا يختصَّ بها صِنفٌ مع وجودِ غَيرِه، كزكواتِ الأموالِ ((الحاوي الكبير للماوردي)) (3/387).
القول الثاني: أنَّ مَصرِفَها هو الفُقَراءُ والمساكينُ فقط، وهذا مذهَبُ المالكيَّة ((حاشية العدوي)) (1/645)، ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/508)، ، وهو قَولٌ للحَنابِلَة قال ابنُ القيِّم: (بل أحَدُ القولينِ عِندنا: أنَّه لا يجوزُ إخراجُها إلَّا على المساكينِ خاصَّة). ((زاد المعاد)) (2/21). ((الإنصاف)) للمرداوي (3/132). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (وعلى هذا القَولِ، فلا يُجزِئُ إطعامُها إلَّا لِمَن يستحقُّ الكفَّارةَ، وهم الآخِذونَ لحاجةِ أنفُسِهم فلا يُعطي منها في المؤلِّفةِ ولا الرِّقابِ ولا غير ذلك. وهذا القَولُ أقوى في الدَّليلِ). ((مجموع الفتاوى)) (25/73). ، وابنُ القيِّم قال ابنُ القيِّم: (كان مِن هَديِه صلَّى الله عليه وسلَّم تخصيصُ المساكينِ بهذه الصَّدَقةِ، ولم يكن يَقسِمُها على الأصنافِ الثَّمانية قبضةً قبضةً، ولا أمَرَ بذلك، ولا فَعَلَه أحدٌ مِن أصحابِه، ولا مَن بَعدَهم، بل أحدُ القولين عندنا: أنَّه لا يجوز إخراجُها إلَّا على المساكينِ خاصَّة، وهذا القولُ أرجَحُ من القَولِ بوُجوبِ قِسمَتِها على الأصنافِ الثَّمانِيةِ). ((زاد المعاد)) (2/21). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (وفيه دليلٌ على أنَّ الفِطرةَ تُصرَفُ في المساكينِ دون غيرهم مِن مصارفِ الزَّكاة). ((نيل الأوطار)) (4/218). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (ومَصرِفُها الفُقَراءُ والمساكينُ، وقد ثبت عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((فرضَ رَسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ والرَّفَثِ، وطُعمةً للمساكين، فمن أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ، فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعد الصَّلاةِ، فهي صَدَقةٌ مِنَ الصَّدقات)).). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/202). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمِين: ( هناك قولانِ لأهل العِلم، وهما: الأوَّل: أنَّها تُصرَفُ مَصرِفَ بَقِيَّةِ الزَّكواتِ حتى للمؤلَّفةِ قُلوبُهم والغارمينَ، وهو ما ذهَبَ إليه المؤلِّف. الثاني: أنَّ زكاةَ الفِطرِ مَصرِفُها للفُقَراءِ فقط، وهو الصَّحيحُ). ((الشرح الممتع)) (6/184).
الأدلَّة:
أولا: من السُّنَّة:
عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((فرَضَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ والرَّفَثِ، وطُعمةً للمساكينِ... )) [2248] - رواه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، والدارقطني (2/138)، والحاكم (1/568) قال الدارقطني عن رواته: ليس فيهم مَجروحٌ، وحسَّن إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (6/126)، وصحَّحه ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (10/636)، وابنُ باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (15/271). و الألباني في ((صحيح الجامع)) (3570).
وجه الدَّلالة:
أنَّه نصٌّ في كَونِ صَدقةَ الفِطرِ طُعمةً للمَساكينِ، فوجب الاقتصارُ عليهم ينظر: ((نيل الأوطار)) (4/218).
ثانيًا: أنَّه لم يكُنْ مِن هَديِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قِسمَةُ صَدَقةِ الفِطرِ على الأصنافِ الثَّمانيةِ، ولا أمَرَ بذلك، ولا فَعَلَه أحدٌ من أصحابِه، ولا مِن بَعدِهم ((زاد المعاد)) (2/21).

انظر أيضا: