الموسوعة الفقهية

المبحث الخامس: الهدايا للعاملين


لا تحِلُّ هدايا العمَّالِ، وكلُّ ما أُهدِيَ بسَبَبِ الوِلايةِ ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (3/500)، ((شرح النووي على مسلم)) (12/219).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن أبي حُمَيدٍ الساعديِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((استعمَلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلًا مِن الأزدِ يُقال له: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ على الصَّدقةِ، فلمَّا قدِمَ قال: هذا لكم، وهذا أُهدِيَ لي، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فهلَّا جلَس في بيتِ أبيه أو بيتِ أمِّه فينظُر يُهدَى له أم لا؟! والذي نفْسي بيَدِه لا يَأخُذُ أحدٌ منه شيئًا إلَّا جاءَ به يومَ القيامة يحمِلُه على رَقَبتِه؛ إنْ كان بعيرًا له رُغاءٌ الرُّغاء: صوتُ ذواتِ الخُفِّ. ينظر: ((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (6/2359). ، أو بقرةً لها خُوارٌ الخُوار: صوتُ البَقَر. ((النهاية)) لابن الأثير (2/87). ، أو شاةً تَيْعِر، ثم رفَع بيده حتى رأينا عُفرةَ إبْطَيه عُفْرة إبْطيه: بياضُ ما تحت الإبطِ، وسمِّي عفرةً؛ لأنَّه بياضٌ غيرُ ناصعٍ، كأنَّه مُعفَّر بالترابِ. ((النهاية)) لابن الأثير (3/261)، ((لسان العرب)) لابن منظور (4/585). ، اللهمَّ هلْ بلَّغتُ اللهمَّ هل بلَّغتُ، ثلاثًا )) رواه البخاري (6979)، ومسلم (1832).
2- عن عَديِّ بنِ عَمِيرةَ الكِنديِّ، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((مَنِ استَعْمَلْناه منكم على عَمَلٍ، فكتَمَنا مَخِيطًا فما فوقَه، كان غُلولًا يأتي به يومَ القِيامَةِ. قال: فقام إليه رجلٌ أسودُ من الأنصارِ، كأنِّي أنظُرُ إليه، فقال: يا رسولَ الله: اقْبَلْ عنِّي عملَك. قال: وما لكَ؟ قال: سمعتُك تقول كذا وكذا. قال: وأنا أقولُه الآن، مَن استَعْمَلْناه منكُم على عمَلٍ، فلْيَجِئْ بقليلِه وكثيرِه، فما أُوتيَ منه أخَذ، وما نُهِي عنه انتهى )) رواه مسلم (1833).
3- عن بُرَيدَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: ((مَنِ استعمَلْناه على عمَلٍ فرَزقْناهُ رزقًا؛ فما أخذَه بعد ذلك فهو غُلولٌ )) رواه أبو داود (2943)، وابن خزيمة (4/70) (2369)، والحاكم (1/563)، والبيهقي (6/355) (13401) صحَّحه ابنُ دقيق العيد في ((الاقتراح)) (94)، وقال الذهبي في ((المهذب)) (5/2533): إسنادُه صالح، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (4/232): رجال إسناده ثقات، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2943).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البَرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (فإنَّ قَبولَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الهدايا أشهَرُ وأعرف وأكثَرُ مِن أن تُحصى الآثارُ في ذلك، لكنَّه كان صلَّى الله عليه وسلَّم مخصوصًا بما أفاءَ الله عليه مِن غَيرِ قِتالٍ مِن أموالِ الكفَّارِ أنْ يكون له خاصَّةً دون سائِرِ النَّاسِ، ومَن بَعدَه مِنَ الأئمَّةِ حُكمُه في ذلك خلافُ حُكمِه؛ لأنَّ ذلك لا يكونُ له خاصَّةً دون المسلمينَ بإجماع؛ لأنَّه فيءٌ، وفي حديث أبي حُمَيدٍ الساعديِّ في قِصَّة ابن اللُّتبيَّةِ ما يدلُّ على أنَّ العامِلَ لا يجوز له أن يستأثرَ بهديَّةٍ أُهدِيَتْ إليه بسببِ ولايَتِه؛ لأنَّها للمُسلمين). ((التمهيد)) (2/6، 7)، ((الاستذكار)) لابن عَبدِ البَرِّ (5/88)، وينظر: ((فتاوى السبكي)) (1/204). ، وابنُ رسلان قال ابنُ رسلان: (ويدخُل في إطلاقِ الرِّشوةِ للحاكِمِ والعامِلِ على أخْذِ الصَّدَقاتِ، وهي حرامٌ بالإجماعِ). ((نيل الأوطار)) للشوكاني (8/308).
ثالثًا: أنَّ هدايا العمَّالِ سُحتٌ؛ لأنَّه إنَّما يُهدَى إلى العامِلِ؛ ليغمضَ له في بعض ما يجِب عليه أداؤُه، ويبخَس بحقِّ المساكينِ، ويُهدَى إلى القاضي ليَميلَ إليه في الحُكمِ، أو لا يُؤمَن من أن تحملَه الهدِيَّةُ عليه ((شرح السُّنة)) للبغوي (5/498)، ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (2/168).

انظر أيضا: