الموسوعة الفقهية

المطلب السادس: هل تسقُط الزَّكاةُ بالموت؟


لا تسقُطُ الزَّكاةُ بالموت، ويجِبُ إخراجُها مِن مالِه، سواءٌ أوْصى بها أو لم يُوصِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (2/22)، ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (4/617). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/335، 336)، ويُنظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (3/446). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 182)، ويُنظر: ((المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل)) لعبد السلام ابن تيميَّة (1/219)، ((المغني)) لابن قدامة (2/509). ، والظَّاهِريَّة قال ابنُ حَزْم: (فلو مات الذي وجبَتْ عليه الزَّكاةُ سنةً أو سنتين، فإنَّها مِن رأس مالِه, أقرَّ بها أو قامَتْ عليه بيِّنةٌ, ورِثَه ولَدُه أو كَلالةٌ, لا حقَّ للغُرَماءِ ولا للوصِيَّة ولا للوَرَثةِ حتى تُستوفى كلُّها; سواءٌ في ذلك العَينُ والماشِيةُ والزَّرع. وهو قولُ الشافعي, وأبي سليمان, وأصحابهما). ((المحلى)) (6/88 رقم 687)، وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/336). ، وقال به طائفةٌ مِن السَّلَفِ قال النوويُّ: (وهو مذهبُ عطاءٍ والحسَنِ البصري والزهري، وقتادة وأحمد وإسحاق، وأبي ثور وابن المُنْذِر وداود، وحَكَى ابن المُنْذِر عن ابن سيرين والشَّعبي والنَّخَعي وحمَّاد بن أبي سليمان وداود بن أبي هند وحُمَيد الطويل وعثمان البَتِّي وسفيان الثوري: إنْ أوْصى بها أُخرِجَتْ مِن مالِه كسائِرِ الوصايا، وإن لم يوصِ لم يلزَمِ الورثةَ إخراجُها). ((المجموع)) (5/336)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/509).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُ اللهِ تعالى في المواريثِ: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 11]
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ عمَّ الدُّيونَ كُلَّها, والزَّكاةُ دَينٌ قائِمٌ لله تعالى، ولِلمساكينِ, والفُقَراءِ والغارمينَ وسائرِ مَن فرَضها تعالى لهم في نصِّ القُرآنِ ((المحلى)) لابن حزم (6/90).
ثانيًا: من السُّنَّة
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((جاءَ رجُلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أمِّي ماتتْ وعليها صومُ شَهرٍ، أفأَقضِيه عنها؟ فقال: لو كان على أُمِّكَ دَينٌ، أكُنتَ قاضِيَه عنها؟» قال: نعَمْ، قال: فدَينُ اللهِ أحقُّ أنْ يُقضَى )) رواه مسلم (1148).
وجْهُ الدَّلالةِ: أنَّه لَمَّا أَلزَمَ الوليَّ بقضاءِ النَّذرِ عن أمِّه، كان قضاءُ الزَّكاةِ التي فرَضَها اللهُ أشدَّ لزومًا؛ لأنَّ الزَّكاةَ أوكدُ مِنَ النَّذرِ ((فتح الباري)) لابن حجر (12/333).
ثالثًا: أنَّها حقٌّ واجِبٌ لا تسقُطُ بالموتِ كسائرِ حُقوقِ الله تعالى الماليَّةِ، ومنها الحَجُّ والكفَّاراتُ ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/296).
رابعًا: أنَّه تعلَّق بها حقُّ الفُقَراءِ والمستحقِّينَ للزَّكاة ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (21/227).
خامسًا: لأنَّها حقٌّ واجبٌ في المالِ، فلم تسقطْ بالموتِ، كدَيْنِ الآدميِّ ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/296).
سادسًا: أنَّ الزَّكاةَ إمَّا أن تكونَ في الذِّمَّة، وإمَّا أن تكونَ في عَينِ المال؛ فإنْ كانت في عَينِ المالِ، فإنَّ أهلَ الصَّدَقاتِ شُركاءُ في ذلك المالِ، وإنْ كانت في الذمَّةِ فلا تسقُطُ بالموتِ ((المحلى)) لابن حزم (6/90).

انظر أيضا: