الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّالث: مواطن مشروعيَّته


المطلب الأول: الوضوء للأذان
يستحب الوضوء للأذان [1616] سيأتي ذلك في كتاب الصَّلاة.
المطلب الثاني: الوُضوء للصَّلاة
الفرع الأوَّل: حُكم الوُضوء للصَّلاة
الطَّهارة من الحدَث شرطٌ لصحَّة الصَّلاة [1617] سيأتي ذلك في كتاب الصَّلاة.
الفرع الثاني: تجديد الوُضوء لكلِّ صلاة
يُسَنُّ أجمع أهلُ العلم على أنَّه يجوز فِعل صلواتٍ متعدِّدة بوضوءٍ واحد. قال النوويُّ: (في هذا الحديث أنواعٌ من العلم؛ منها: جوازُ المسح على الخفِّ، وجوازُ الصَّلوات المفروضات والنَّوافل بوضوء واحدٍ ما لم يُحدِث، وهذا جائزٌ بإجماع مَن يُعتدُّ به، وحكَى أبو جعفر الطحاويُّ وأبو الحسن بن بطَّال في شرح صحيح البخاري عن طائفة من العلماء أنَّهم قالوا: يجبُ الوضوء لكلِّ صلاة وإنْ كان متطهِّرًا، واحتجُّوا بقول الله تعالى إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ الآية، وما أظنُّ هذا المذهب يصحُّ عن أحدٍ، ولعلَّهم أرادوا استحبابَ تجديدِ الوضوء عند كلِّ صلاة). ((شرح النووي على مسلم)) (3/177). وقال ابن تيميَّة: (أمَّا الحُكم- وهو أنَّ مَن توضَّأ لصلاةٍ، صلَّى بذلك الوضوءِ صلاةً أخرى- فهذا قول عامَّة السَّلف والخلف: والخلافُ في ذلك شاذٌّ). ((مجموع الفتاوى)) (21/370-371). وقال أيضًا: (أمَّا القولُ بوُجوبه: فمخالِفٌ للسُّنة المتواترةِ عن الرَّسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولإجماع الصَّحابة؛ والنَّقلُ عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه بخلاف ذلك لا يثبُت؛ بل الثَّابتُ عنه خلافُه، وعليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه أجلُّ من أن يخفى عليه مثلُ هذا، والكذِبُ على عليٍّ كثيرٌ مشهورٌ، أكثرُ منه على غيرِه، وأحمد بن حنبل رحمه الله- مع سَعَة عِلمِه بآثار الصَّحابة والتابعين- أنكر أن يكونَ في هذا نِزاع). ((مجموع الفتاوى)) (21/373). تجديدُ الوُضوء عند كلِّ صلاةٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/17)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 53). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/440)، ((التاج والإكليل)) للمواق (1/302). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/469)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/49). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/189)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/105).
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأُ عند كلِّ صلاةٍ، قال: كيف كنتم تصنعونَ؟ قال: يُجزئُ أحدَنا الوضوءُ ما لم يُحدِثْ )) رواه البخاري (214).
الفرع الثَّالث: الوضوءُ لصلاة الجنازة
الطَّهارة من الحدَث شرطٌ لصحَّة صلاة الجنازة [1624] سيأتي ذلك في كتاب الصَّلاة.
الفرع الرابع: الوُضوء لسجود التِّلاوة
اختلف العلماءُ في اشتراط الطَّهارة في سجودِ التلاوة على قولين: بالاشتراطِ وعدَمِه [1625] سيأتي ذلك في كتاب الصَّلاة.
المطلب الثَّالث: الوُضوءُ للطَّواف
أجمع أهل العلم على مشروعيَّة الطَّهارةِ في الطَّواف، واختلفوا في لُزومِها [1626] سيأتي الحديث عن ذلك في كتاب الحجِّ.
المطلب الرَّابع: الوُضوء لقراءة القرآن
يجوز للمحدِث حدثًا أصغَرَ أن يقرأ القرآنَ دون أن يمسَّ المصحَفَ، وإنْ كان الأفضَلُ له أن يتوضَّأَ.
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن المهاجرِ بن قُنفذ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أنَّه أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو يبولُ، فسلَّمَ عليه فلم يَرُدَّ عليه حتَّى توضَّأَ، ثم اعتذَرَ إليه، فقال: إنِّي كَرِهتُ أن أذكُرَ اللهَ إلَّا على طُهرٍ، أو قال على طهارةٍ )) أخرجه أبو داود (17) واللفظ له، والنسائي (38)، وأحمد (19056) صحَّحه النووي في ((المجموع)) (3/105)، وقال ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (1/394): حسن صحيح. وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((المحلى)) (1/85)، وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (17)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسند)) (1161).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّ الأفضلَ ألَّا توجَدَ الأذكارُ إلَّا في أكمَلِ الأحوالِ، والقرآنُ أفضَلُ الذِّكرِ ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (21/242).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يذكُر اللهَ على كلِّ أحيانِه )) رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (634)، ومسلم (373).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الحديثَ مُشعِرٌ بوقوع الذِّكر حالَ الحدَث الأصغرِ؛ لأنَّه من جملة الأحيانِ المذكورة ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للمباركفوري (2/161).
3- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّه بات عندَ مَيمونةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، وهي خالَتُه، قال: فاضطَجَعتُ على عَرضِ الوِسادةِ، واضطَجَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأهلُه في طُولِها، فنام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى انتَصَف اللَّيلُ، أو قَبلَه بقليلٍ، أو بعدَه بقليلٍ، ثم استيقَظ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجلَس، فمسَح النَّومَ عن وجهِه بيدِه، ثم قرَأ العشرَ آياتٍ خواتيمَ سورةِ آلِ عمرانَ، ثم قام إلى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فتوضَّأ منها فأحسَن وُضوءَه، ثم قام يُصلِّي... )) رواه البخاري (1198) واللفظ له، ومسلم (763).
وجه الدَّلالة:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قرأ القرآنَ، بعد استيقاظِه مِن النَّوم وقبل أن يتوضَّأ؛ فدلَّ على جوازِ قراءةِ القُرآن للمُحدِث حدثًا أصغَر ((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (3/130).
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على جوازِ قراءة القرآنِ للمُحدِث: ابنُ عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (ما أعلم خلافًا في جواز قراءة القرآن على غير وضوء، ما لم يكُن حدَثُه جنابةً). ((الاستذكار)) (2/104). ، والقاضي عِياض قال القاضي عياض: (وفي قوله: فمَسح النَّومَ عن وجهه، وقرأ العَشر الآياتِ الخواتمَ من سورة آل عمران، دليلٌ على جوازِ قراءة القرآن طاهرًا على غيرِ وضوءٍ، وهذا لا خِلافَ فيه). ((إكمال المعلم)) (3/130). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أجمع المسلمون على جواز قراءة القرآن للمُحدِث، والأفضلُ أنَّه يتطهَّر لها). ((المجموع)) (2/69). ، وابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (القراءة تجوز مع الحدَثِ الأصغر بالنصِّ واتِّفاقِ الأئمَّة). ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (21/461).
ثالثًا: من الآثار
عن عبد الرَّحمن بن يزيد بن جابر قال: (كنَّا معه- أي: سلمان- في سفرٍ، فانطلق، فقضى حاجتَه، ثمَّ جاء، فقلت: أيْ أبا عبدِ الله، توضَّأْ لعلَّنا نسألُك عن آيٍ من القرآنِ، فقال: سَلوني؛ فإنِّي لا أمسُّه، إنَّه لا يَمسُّه إلَّا المُطهَّرون؛ فسألْناه؛ فقرأ علينا قبل أن يتوضَّأ) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1106)، والدارقطني (1/124)، والبيهقي (430). صححه الدارقطني (1/124)، وجوَّده الزيلعي في ((نصب الراية)) (1/199).
المطلب الخامس: الوُضوء لِمَسِّ المصحف
لا يجوز مسُّ المصحفِ مِن غير وضوءٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/57)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/33). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/ 107)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/201)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/41). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/67)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/143). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/241)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/108). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بأنَّ المصحف لا يَمسُّه إلَّا الطَّاهر). ((الاستذكار)) (2/472). وقال ابن قدامة: (لا يمسَّ المصحف إلَّا طاهرٌ؛ يعني: طاهرًا من الحدثين جميعًا؛ رُوي هذا عن ابن عمر والحسَن وعطاء وطاوس والشَّعبي والقاسم بن محمَّد، وهو قول مالك والشافعيِّ وأصحاب الرأي، ولا نعلم مخالفًا لهم إلَّا داود؛ فإنَّه أباح مسَّه). ((المغني)) (1/108).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة: 77-79]
وجه الدَّلالة:
أنَّ المطهَّر هو المتطهِّر من الحدَثينِ: الأصغر والأكبر ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/315).
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
حديث: ((لا يَمسَّ القرآنَ إلَّا طاهِرٌ )) رواه الطبراني (12/313) (13217)، والدارقطني (1/121)، والبيهقي (417). من حديث عبدالله بن عمر رَضِيَ اللهُ عنهما. جوَّد إسناده ابن الملقِّن في ((شرح البخاري)) (5/31)، ووثق رجاله الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/281) وصحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7780). وأخرجه الدارمي (2266)، وابن حبان (6559)، والبيهقي (416). من حديث عمرو بن حزم رَضِيَ اللهُ عنه. قال الإمام أحمد كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (4/89): أرجو أن يكون صحيحًا. ورواه الدارميُّ وأبو زرعة الرازيُّ وأبو حاتم الرازيُّ- كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (4/89)-: موصولَ الإسناد حسنًا. وجوَّده ابن الملقِّن في ((شرح البخاري)) (5/26)، وحسَّنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (2/386)، وصحَّحه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (24/336)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (122). ورواه مالكٌ في ((الموطَّأ)) (2/278)، والبيهقيُّ في ((معرفة السُّنن والآثار)) (1/318) (212) من حديث عبدالله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم في كتابه المشهور. قال ابن عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (17/396): الدَّليل على صحَّة الكتاب تلقِّي جمهور العلماء له بالقَبول. وقال ابن دقيق العيد في ((الإلمام)) (1/87): مرسل، ومِن الناس مَن يُثبت هذا الحديث بشُهرة الكتاب وتلقِّيه بالقبول، ويرى أنَّ ذلك يُغني عن طلب الإسناد. وصحَّحه الألباني مرسلًا في ((أداء ما وجب)) (110) وقال: إلَّا أنَّه جاء موصولًا.
وجه الدَّلالة:
 أنَّ لفظة (طاهر) يشمل معناها: الطاهِر من الحدَثينِ: الأصغر والأكبر ((سبل السلام)) للصنعاني (1/71).
ثالثًا: من الآثار
عن عبد الرَّحمن بن يزيدَ بن جابر قال: (كنَّا معه- أي: سلمان- في سَفَرٍ، فانطلق، فقضى حاجتَه، ثم جاء، فقلت: أيْ أبا عبدِ الله، توضَّأْ لعلَّنا نسألُك عن آيٍ من القُرآنِ، فقال: سَلُوني؛ فإنِّي لا أمسُّه؛ إنَّه لا يَمسُّه إلَّا المطهَّرون؛ فسألناه؛ فقرأ علينا قَبل أن يتوضَّأ) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1106)، والدارقطني (1/124) والبيهقي (430). صححه الدارقطني (1/124)، وجوَّده الزيلعي في ((نصب الراية)) (1/199).
فرع: مسُّ الصَّغيرِ للمُصحف على غيرِ طهارة
يجوز للصَّغيرِ المميِّز مسُّ المصحَف للتعلُّم والحِفظ، ولو كان على غيرِ طهارةٍ [1647] لكن الأَولى أن يُؤمَر بالوضوءِ؛ حتى يمسَّ المصحفَ وهو على طهارةٍ. يُنظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/213)، ويُنظر: ((المجموع)) للنووي (2/69)، ((فتح الباري)) لابن رجب (5/299). ؛ نصَّ على هذا جمهورُ الفُقهاء: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/58)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/174). ، والمالكيَّة قال مالك: (أرجو أن يكون مسُّ الصِّبيان للمصاحِف للتَّعليم على غيرِ وضوء، جائزًا). ينظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/443)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/161). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/69)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/38). ، وهو وجهٌ للحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/243)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/165).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الحاجةَ ماسَّة إلى تعلُّم الصِّبيانِ للقرآن، وفي تكليفِهم بالوضوءِ حرَجٌ عليهم؛ وذلك لتكرُّره، بالإضافة إلى عدمِ قُدرَتِهم على الاحتفاظ بوضوئِهم غالبًا، ويشقُّ منعُهم منه بدون طهارةٍ ((المجموع)) للنووي (2/69)، ((مغني المحتاج)) (1/38)، ((فتح الباري)) لابن رجب (5/299).
ثانيًا: أنَّ الصِّبيان لو مُنعوا من مسِّ المصحَف إلَّا بطهارةٍ، لم يَحفظوا القرآن، ولنَفَروا مِن تعلُّمه، وفي تأخيرِهم إلى البلوغ تقليلٌ لحِفظ القرآنِ؛ فيُرخَّص لهم للضَّرورةِ ((تفسير القرطبي)) (17/227)، ((المجموع)) للنووي (2/69)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/38).
ثالثًا: أنَّ الصِّبيانَ لا يُخاطَبون بالطَّهارة، ولكن يُؤمَرون به تخلُّقًا واعتيادًا ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/58)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/174).
رابعًا: أنَّ الصبيَّ وإن كانت له طهارةٌ، إلَّا أنَّها ليست بكاملةٍ؛ لأنَّ النيَّة لا تصحُّ منه، فإذا جاز أن يحمِلَه على غيرِ طهارةٍ كاملة، جاز أن يحمِلَه مُحدِثًا ((تفسير القرطبي)) (17/227).
المطلب السادس: الوُضوء عند النَّوم
يُسنُّ الوضوءُ عند النَّوم، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/17)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 54). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/262)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/173). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/324، 473). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/269)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/88).
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن البَراء بن عازب رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أتيتَ مَضجَعكَ فتوضَّأْ وُضوءَك للصَّلاة... )) رواه البخاري (247) واللفظ له، ومسلم (2710).
المطلب الثَّامن: الوُضوءُ للجُنُب عند أكْله وشُرْبه ونومِه
يستحبُّ للجُنب الوُضوءُ إذا أراد الأكْل والشُّرب أو النَّوم؛ وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/156)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/63) ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/260)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/157) ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: (يُستحبُّ الوضوء للجُنُب إذا أراد الأكْلَ أو النَّوم، ولردِّ السَّلام، ولذِكر الله تعالى, وليس ذلك بواجب). ((المحلى)) (1/100).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن ابن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ عمر بن الخطَّاب سأل رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيرقُدُ أحدنا وهو جُنُب؟ قال: ((نعَمْ، إذا توضَّأ أحدُكم، فليرقدْ وهو جنُب )) رواه البخاري (287) واللفظ له، ومسلم (306).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا كان جُنبًا فأراد أن يأكُل أو ينام، توضَّأ وضوءَه للصَّلاة )) رواه مسلم (305).
المطلب التَّاسع: الوضوء عند معاودةِ الوَطءِ
يُستحبُّ للجُنُب الوُضوءُ، إذا أراد أن يعاوِدَ الوَطءَ مرَّةً أخرى، نصَّ عليه الجمهور: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/89)، وينظر: ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 55). والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/156)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/63). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/260)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/157). ، وهو قولُ جماعةِ الصَّحابةِ والتَّابعين قال ابن عبدِ البَرِّ: (وهو قول مالك، والشافعيِّ، وأحمد، وإسحاق، وجماعة الصَّحابة والتَّابعين). ((الاستذكار)) (1/279). ، وأكثَرِ العلماء قال ابن رجب: (استحبَّ أكثرُ العُلَماءِ الوضوءَ للمعاودةِ، وهو مرويٌّ عن عمر وغيره، وليس بواجبٍ عندَ الأكثرين، وأوجبه قليلٌ من أهل الظَّاهر ونحوِهم). ((فتح الباري)) (1/302).
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أتى أحدُكم أهْلَه، ثم أراد أن يعودَ، فليتوضَّأْ )) رواه مسلم (308).

انظر أيضا: