الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: إخراجُ الذَّكرِ مع وجودِ الإناث في زكاةِ الغنم


اختلف أهلُ العِلم؛ هل يجزِئُ إخراجُ الذَّكر من الشِّياهِ مع وجودِ الإناث أو لا؟ على قولين:
القول الأوّل: يجوزُ في زكاةِ الغنمِ إخراجُ الذَّكَرِ والأنثى، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/264)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/173). ، والمالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/433)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/149)، (2/152).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أنسٍ: أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه كتَبَ له هذا الكتابَ لَمَّا وجَّهَه إلى البَحرين، وفيه: ((وفي صَدَقةِ الغَنَمِ- في سائِمَتِها إذا كانت أربعينَ إلى عِشرينَ ومئةٍ- شاةٌ، فإذا زادت على عشرينَ ومئةٍ إلى مِئَتينِ، شاتانِ، فإذا زادت على مِئَتينِ إلى ثلاثمئةٍ، ففيها ثلاثُ شِياهٍ، فإذا زادت على ثلاثِمئةٍ، ففي كلِّ مئةٍ شاةٌ، فإذا كانت سائمةُ الرَّجُلِ ناقصةً مِن أربعينَ شاةً واحدةً، فليس فيها صَدقةٌ إلَّا أن يشاءَ رَبُّها... )) [970] رواه البخاري (1454).
وجه الدَّلالة:
أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أطلَقَ لفظَ الشَّاة، واسمُ الشَّاةِ يتناوَلُ الذَّكَر والأنثى ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/264).
ثانيًا: أنَّ الذَّكَر والأنثى من الغَنَمِ لا يتفاوتانِ، فجاز أحدُهما ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/264).
ثالثًا: أنَّ الشَّاةَ إذا أُمِرَ بها مطلقًا، أجزأ فيها الذَّكَر، كالأضحيَّة والهَدْي ((المغني)) لابن قدامة (2/448).
القول الثاني: أنَّه لا يُجزِئُ الذَّكَر مِنَ الشِّياهِ مع وجودِ الإناث، وهذا مذهب الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/418)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/166). استثنى الشافعيُّ: ما إذا كان إخراجُه عمَّا وجبَ من زكاة الإبِلِ، فيجزئ إخراجُ الذَّكَرِ مِنَ الشياه عن الواجبِ من الإبِلِ على الصَّحيح. انظر: ((تحفة المحتاج)) لابن حجر للهيتمي و((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/214)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/45). ، والحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/249)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/431).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
عن سُفيانَ بنِ عبدِ الله الثَّقَفيِّ أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قال (... وتأخُذُ الجَذَعةَ والثَّنيَّةَ، وذلك عدْلٌ بين غِذاءِ الغَنَم قال أبو الوليد الباجي: (غِذاءُ الغَنَم: صِغارُها، والمراد ألَّا يأخُذَ السَّاعي خيارَ المالِ ولا رَدِيئه، وإنَّما يأخذ الوسَط) ((المنتقى شرح الموطأ)) (2/144). وخِيارِه) رواه مالك (2/372) (909)، والطبراني (7/68) (6395)، والبيهقي (4/100) (7552). وصحَّحه النووي في ((المجموع)) (5/427)، وجوَّد إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/248).
ثانيًا: أنَّه حيوانٌ تَجِبُ الزَّكاةُ في عينه، فكانت الأنوثةُ مُعتبَرةً في فَرضِه، كالإبِلِ، وما أُطلِقَ من النُّصوصِ؛ فإنَّه يتقيَّدُ بالقياسِ على سائِرِ النُّصُبِ ((المغني)) لابن قدامة (2/448).

انظر أيضا: