الموسوعة الفقهية

المبحث العاشر: خطأ الخاتن 


حُكم الخاتن حُكمُ الطَّبيب؛ فلا يَضمَنُ إذا لم يتعدَّ ولم يُفرِّطْ، وكان حاذقًا؛ فإن تعدَّى أو فرَّط أو لم يكن حاذقًا، فإنَّه يَضمنُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (6/68، 69)، ((العناية)) للبابرتي (9/120) قال غانم البغداديُّ الحنفيُّ: (الفَصَّاد والبَزَّاغ والحَجَّام والخَتَّان، لا يضمنونَ بسراية فِعلهم إلى الهلاك إذا لم يجاوِز الموضِعَ المعتادَ المعهود المأذون فيه، وهي معروفةٌ، ولو شُرِط عليهم العملُ السَّليم عن السِّراية، بطَل الشَّرْط؛ إذ ليس في وُسعِهم ذلك، قال في الفصولين: هذا إذا فعلوا فعلًا معتادًا ولم يُقصِّروا في ذلك العمَل). ((مجمع الضمانات)) (1/145). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (5/431)، ((حاشية الدسوقي)) (4/28). ، والشافعيَّة ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/203-204). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/80)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/180). ، وحُكيَ فيه الإجماعُ قال ابن قدامة: (جملته: أنَّ هؤلاء إذا فعَلوا ما أُمِروا به، لم يَضمنوا بشرطينِ: أحدهما: أن يكونوا ذوي حِذقٍ في صناعتهم، ولهم بها بَصارةٌ ومعرفة؛ لأنَّه إذا لم يكن كذلك لم يحِلَّ له مباشرةُ القَطعِ، وإذا قطع مع هذا كان فعلًا محرَّمًا، فيَضمن سِرايته، كالقطعِ ابتداءً. الثَّاني: ألَّا تجني أيديهم، فيتجاوزوا ما ينبغي أن يُقطَع، فإذا وُجد هذان الشرطان: لم يَضمنوا؛ لأنَّهم قطعوا قطعًا مأذونًا فيه، فلم يضمنوا سِرايته، كقَطع الإمامِ يَدَ السَّارق، أو فَعَل فعلًا مباحًا مأذونًا في فعله، أشبه ما ذكرنا. فأمَّا إن كان حاذقًا وجنَتْ يدُه: مثل أن تجاوزَ قَطعَ الختان إلى الحشَفة، أو إلى بعضها، أو قطع في غير محلِّ القطع، أو يقطع الطَّبيب سِلعةً من إنسان، فيتجاوزها، أو يقطع بآلة كالَّةٍ يكثُر ألَمُها، أو في وقت لا يصلُح القطع فيه، وأشباه هذا، ضَمِن فيه كلِّه؛ لأنَّه إتلافٌ لا يختلف ضمانُه بالعَمْد والخطأ، فأشبه إتلافَ المال، ولأنَّ هذا فِعل محرَّم، فيضمن سرايته، كالقطع ابتداءً، وكذلك الحُكم في النَّزَّاع، والقاطع في القِصاص، وقاطع يدِ السَّارق، وهذا مَذهَبُ الشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه خلافًا). ((المغني)) (5/398).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه إذا كان حاذقًا ولم يتعدَّ، فإنَّه يكون قد فعل فِعلًا مباحًا، ولا ضمانَ عليه ((المغني)) لابن قدامة (9/180)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/80).
ثانيًا: أنَّه إذا لم يكن له حِذق في الصَّنعة ضَمِن؛ لأنَّه لا يَحِلُّ له مباشرةُ القَطعِ، فإنْ قطَع، فقد فعَل محرَّمًا غيرَ مأذونٍ فيه ((المغني)) لابن قدامة (9/180)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/80).

انظر أيضا: