الموسوعة الفقهية

المطلب الرابع: ضمُّ أحَدِ النَّقدينِ إلى الآخَرِ في تكميلِ النِّصابِ


اختلف أهلُ العِلم في ضمِّ أحَدِ النَّقدينِ إلى الآخَرِ في تكميلِ النِّصابِ، وذلك على قولين:
القول الأوّل: أنَّ الذَّهَبَ والفضَّة يُضمُّ أحدُهما إلى الآخَرِ في تكميلِ النِّصابِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (2/177)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/221). ، والمالكيَّة ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/257)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/290). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/97)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/233). ، وقال به طائفةٌ مِنَ السَّلَف وهو قول الحسن وقتادة والثوري والأوزاعي. ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/268)، ((المغني)) لابن قدامة (3/36).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة: 34]
وجه الدَّلالة:
 أنَّ اللهَ تعالى ذكَرَ الذَّهب والفضَّة، ثم قال: وَلَا يُنْفِقُونَهَا، وذلك راجعٌ إليها، فلو لم يكونَا في الزَّكاةِ واحدًا لكانت هذه الكنايةُ راجعةً إليهما بلفظة التثنيةِ، فيقول: ولا ينفقونَهما، فلمَّا كنَّى عنهما بلفظ الجِنسِ الواحِدِ، ثبت أنَّ حُكمَهما في الزَّكاةِ واحِدٌ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/268).
ثانيًا: أنَّه لَمَّا كان مقصودُهما واحدًا في كونِهما أثمانًا وقِيمًا، ونفعُهما واحدٌ، فمنهما قِيَمٌ المُتلَفَاتِ، وأُرُوشُ الجِناياتِ، ويُتَّخَذان للتحلِّي، وأنَّ قَدرَ زكاتِهما واحدٌ، وهو ربُعُ العُشرِ- وجب أنْ يكون حُكمُهما واحدًا في وجوبِ ضمِّ أحدِهما إلى الآخَرِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/268)، ((المغني)) لابن قدامة (3/36)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/233)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/101).
ثالثًا: أنَّ نِصابَ الزَّكاةِ كان بسبب الثَّمنيَّةِ؛ لأنَّه المفيدُ لتحصيلِ الأغراضِ، وسدِّ الحاجاتِ، لا لخصوصِ اللَّونِ أو الجَوهرِ ((المبسوط)) للسرخسي (2/177)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/222).
رابعًا:أنَّ الذَّهَبَ والفضَّة يُضمَّان إلى ما يُضمُّ إلى كلِّ واحدٍ منهما، وهو عُروضُ التِّجارة، فضَمُّ أحدِهما إلى الآخَرِ كأنواعِ الجِنسِ، فالتسويةُ مقتضيةٌ لاتِّحادِ الحُكمِ وعَدَمِ الفَرقِ ((الفروع)) لابن مفلح (4/138).
القول الثاني: أنَّ الذَّهَبَ والفضَّة لا يُضمُّ أحدُهما إلى الآخَرِ في تكميلِ النِّصابِ، وهذا مذهَبُ الشافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/268)، ((المجموع)) للنووي (6/8). ، والظَّاهِريَّة قال ابنُ حزم: (لا يجوزُ أن يُجمَع بين الذَّهَب والفضة في الزَّكاة، ولا أن يُخرَجَ أحدُهما عن الآخر، ولا قيمَتُهما في عرضٍ أصلًا, وسواء كان حليَّ امرأةٍ أو حليَّ رجلٍ, وكذلك حِلْيَةُ السَّيف والمصحَفِ والخاتَمِ، وكل مصوغٍ منهما؛ حلَّ اتخاذُه أو لم يحِلَّ). ((المحلى)) (6/75 رقم 684). وقال: (وقال ابنُ أبي ليلى، وشريك، والحسن بن حي, والشافعي, وأبو سليمان: لا يُضمُّ ذهَبٌ إلى وَرِقٍ أصلًا; لا بقيمةٍ، ولا على الأجزاءِ, فمَن عنده مئتا دِرهمٍ غيرَ حبةٍ، وعشرونَ دينارًا غيرَ حبةٍ؛ فلا زكاةَ عليه فيهما, فإن كَمُل أحدُهما نِصابًا زكَّاه ولم يزكِّ الآخَر). ((المحلى)) (6/81 رقم 684)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/257). ، وروايةٌ عن أحمَدَ روي أنه رجع إليها. ((الفروع)) لابن مفلح (4/136)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/97). ، وبه قالتْ طائفةٌ مِنَ السَّلفِ وهو قول ابن أبي ليلى وشريك والحسن بن صالح بن حي وأبي ثور. ((الحاوي الكبير)) (3/268)، ((المحلى)) (6/81 رقم 684)، ((بداية المجتهد)) (1/257)، ((المغني)) لابن قدامة (3/36). ، واختاره أبو عُبيد القاسمُ بنُ سلَّام قال أبو عبيد: (وأمَّا الذي يُسقِطُ الزَّكاةَ مِنَ المالَينِ جميعًا، حتى تبلُغَ الدَّراهمُ مئتين، والدَّنانير عشرينَ، فإنَّه يذهَبُ إلى السُّنَّة نفسِها. قال: رأيتُها قد فرَّقت بينهما، وجعَلَتْهما نوعينِ مختلفين؛ وذلك أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم جعل الفضَّةَ بالفضَّةِ ربًا، إلَّا مِثلًا بمِثلٍ، فسوَّى بينهما إذا كانتَا نوعًا واحدًا، وكذلك الذَّهَبُ بالذهب، ثم أحلَّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذَّهَب بأضعافِ الفضَّة؛ إذ كانا نوعينِ مختلفين. يقول: فكيف أجمَعُ بينهما، وأجعَلُهما جنسًا واحدًا، وقد جعَلَهما رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم جنسينِ؟! وهذا قول ابنِ أبي ليلى، وشريك، والحسن بن صالح، وهذا عندي هو ألزَمُ الأقوالِ لتأويلِ الآثار، وأصحُّها في النَّظَر، مع الاتِّباعِ لهذه الحجَّة التي في الصَّرْف، ولحجَّة أخرى في الزَّكاةِ نفسها أيضًا، وذلك أنَّ رجلًا لو ملك عِشرينَ دينارًا من غير دراهمَ، وسِعْرُ الدنانيرِ يومَئذٍ تسعةُ دراهمَ، أو أقَلُّ من ذلك- كانت الزَّكاةُ واجبةً عليه، وهو غيرُ مالكٍ لمئتي درهم، ولو كانت له عشرةُ دنانيرَ، وقيمةُ الدَّنانير يومَئذ عشرونَ درهمًا أو أكثَرُ؛ لم تكن عليه زكاةٌ، وهو مالِكٌ لمئتي درهم فصاعدًا، أفلستَ ترى أنَّ معنى الدراهم قد زال هاهنا عن معنى الدَّنانير وبان منه؟ فما بالُ الدنانير تُضَمُّ إلى الدَّراهم، ثم تكون مرَّةً عُروضًا إذا نقصَتْ من العشرين، وتكون عَينًا إذا تمَّت عشرينَ؟! وليس الأمرُ عندي إلَّا على ما قال ابنُ أبي ليلى وشريك والحسن؛ أنَّهما مالان مختلفان، كالإبِلِ مع الغَنَمِ، وكالبُرِّ مع التَّمرِ، لا يُضمُّ واحدٌ مِن هذا إلى صاحِبِه. فهذا ما في الدراهِمِ إذا نقَصَتْ من المئتينِ، وفي الدنانيرِ إذا نقَصَت من العِشرينَ). ((الأموال)) لأبي عبيد (ص: 513 - 515)، وينظر: ((الأموال)) لابن زنجويه (3/930)، ((المغني)) لابن قدامة (3/36). ، وابنُ رشد قال ابنُ رُشْدٍ: (يُشبه أن يكون الأظهرُ اختلافَ الأحكامِ، حيث تختلِفُ الأسماءُ وتختلِفُ الموجوداتُ أنفُسُها). وقال: (وسببُ هذا الارتباك ما راموه من أن يجعلوا من شيئينِ- نِصابُهما مختلِفٌ في الوزن- نِصابًا واحدًا، وهذا كلُّه لا معنى له، ولعلَّ مَن رام ضمَّ أحدِهما إلى الآخَرَ، فقد أحدَث حُكمًا في الشَّرعِ، حيث لا حُكمَ؛ لأنَّه قد قال بنِصابٍ ليس هو بنِصابِ ذَهَبٍ ولا فضَّةٍ، ويستحيلُ في عادةِ التَّكليفِ والأمرِ بالبيانِ أنْ يكونَ في أمثال هذه الأشياءِ المُحتملَة حُكمٌ مخصوصٌ فيسكُتُ عنه الشارِعُ، حتى يكون سكوتُه سببًا لأنْ يَعرِضَ فيه من الاختلافِ ما مقدارُه هذا المقدارُ، والشارِعُ إنَّما بَعَثَ صلَّى الله عليه وسلَّم لرَفعِ الاختلافِ). ((بداية المجتهد)) (1/258، 259). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ واصفًا القول بالضمِّ: (ليس على هذا أَثارةٌ مِن علمٍ قَطُّ، ولم يوجِبِ الشَّارِعُ فيهما الزَّكاةَ إلَّا بشَرطِ أن يكون كلُّ واحدٍ منهما نِصابًا حال عليه الحَوْل، والاتفاقُ كائِنٌ أنَّهما جنسان مختلفان؛ ولهذا لم يَحْرُمِ التَّفاضُلُ في بيع أحدِهما بالآخر، ولو كانا جنسًا واحدًا لكان التفاضُلُ حرامًا، وأمَّا استدلالُ مَنِ استدلَّ بحديثِ: (في الرِّقَةِ رُبُع العشر) زاعمًا أنَّها تصدُقُ على الذَّهَب والفضة، فقد جاء بما ليس في عُرفِ الشَّرعِ ولا لُغةِ العَرَب، ولا في اصطلاح أهلِ الاصطلاحِ). ((السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار)) (ص: 235). ، والشنقيطيُّ قال الشنقيطي: (الذي يظهَرُ لي رجحانُه بالدَّليلِ مِنَ القولين أنَّ الذَّهَب والفِضَّة لا يُضمُّ أحدُهما إلى الآخر؛ لِمَا ثبَتَ في بعض الرِّوايات الصحيحة، كما رواه مسلم في "صحيحه" عن جابر أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (ليس فيما دونَ خمس أواقٍ من الوَرِق صدقةٌ)، فلو كان عنده أربَعُ أواقٍ مِنَ الوَرِقِ الذي هو الفضَّة، وما يُكمِلُ النِّصاب من الذَّهَب، فإنه يصدُق عليه بدَلالة المطابَقةِ أنَّه ليس عنده خمسُ أواقٍ من الوَرِق. وقد صرَّح النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الحديث الصحيح أنَّه لا صدقةَ في أقلَّ مِن خَمسِ أواقٍ مِنَ الوَرِق، وظاهِرُ نصِّ الحديثِ على اسمِ الوَرِق يدلُّ على أنَّه لا زكاةَ في أقلَّ مِن خَمسِ أواقٍ مِنَ الفضَّة، ولو كان عنده ذهَبٌ كثير، ولا دليلَ من النُّصوصِ يصرِف عن هذا الظاهِرِ، والعلمُ عند الله تعالى). ((أضواء البيان)) (2/125، 126). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (الصحيحُ أنه لا يُكمَّلُ نِصابُ الذَّهَبِ مِنَ الفِضَّة، ولا نِصابُ الفِضَّةِ مِنَ الذَّهب؛ لاختلاف الجنسينِ، والنُّصوصُ وردتْ مقدِّرةً نِصابَ كُلِّ واحدٍ على حِدَةٍ، وكما أنَّنا لا نضُمُّ البُرَّ إلى الشَّعير في تكميلِ النِّصاب، فكذلك لا نَضمُّ الذهَبَ إلى الفضَّة في تكميل النِّصاب، فإذا كان عند المرأةِ حُلِيٌّ يبلغ نِصفَ نِصابِ وعندها دراهِمُ تبلُغُ نصفَ نِصابٍ، فليس عليها زكاةٌ لا في الدَّراهم، ولا في الحليِّ؛ لعدَمِ استكمالِ النِّصَابِ فيهما). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/129، 130). وقال: (هذا هو القولُ الرَّاجِحُ؛ لدلالةِ السُّنَّةِ والقياسِ الصَّحيحِ عليه). ((الشرح الممتع)) (6/101).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ليس فيما دون خَمسِ أواقٍ صَدَقةٌ )) رواه البخاري (1405)، ومسلم (979).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ ظاهِرَ نصِّ الحديثِ يدلُّ على أنَّه: لا زكاةَ في أقلَّ من خمسِ أواقٍ من الفضَّة، ولو كان عنده ذهبٌ كثيرٌ، ومَن جَمَعَ بين الذَّهب والفضَّة في تكميلِ النِّصابِ؛ فقدْ أوجَبَ الزَّكاة في أقلَّ مِن خَمسِ أواقٍ ((المحلى)) لابن حزم (6/83 رقم 684)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/125، 126).
2- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ليس عليكَ شيءٌ- يعني في الذَّهَبِ- حتى تكون لك عِشرونَ دينارًا، فإذا كانَتْ لكَ عشرونَ دينارًا وحال عليها الحَوْلُ؛ ففيها نِصفُ دينارٍ، فما زاد فبِحِسابِ ذلك )) رواه أبو داود (1573)، وابن وهب في ((الموطأ)) (186)، والبيهقي (4/137) (7783). حسَّنه ابن حجر في ((بلوغ المرام)) (171) وقال: وقد اختلفوا في رفْعه، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (4/199): الضعف الذي فيه منجبِر. وحسَّن إسناده ابن باز في ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/89)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1573).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّ من كان عنده دونَ العِشرينَ، فلا زكاةَ عليه، سواءٌ كان عنده مِنَ الفضَّةِ ما يُكَمِّلُ به النِّصابَ أو لا ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/101).
3- عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ؛ مِثلًا بمِثْلٍ، يدًا بيَدٍ، فإذا اختلَفَت هذه الأصنافُ فبيعوا كيف شِئتمُ, إذا كان يدًا بيَدٍ )) رواه مسلم (1587).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ السُّنةَ فرَّقَتْ بين الذَّهَبِ والفضَّةِ، وجَعَلَتْهما نوعينِ مُختلِفَينِ، فيجوزُ بينهما التفاضُلُ، فكيف يُجعَلان جنسًا واحدًا، وقد جعَلَهما الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم جنسينِ ((الأموال)) لأبي عبيد (ص: 513). ؟
ثانيًا: أنَّ الذَّهَبَ والفضَّةَ جنسانِ مستقلَّان، فلا يُضمُّ أحدُهما إلى الآخَرِ في تكميلِ النِّصابِ، كما لا يُضمُّ الشَّعيرُ إلى البُرِّ، مع أنَّ المقصودَ منهما واحدٌ، وهو أنَّهما قوتٌ، وهما يُخرَصان ويُعَشَّران، وهما حُلوان معًا، وأشدُّ تقاربًا في الثَّمَن والِخلْقَةِ والوَزنِ، مِنَ الذَّهَب إلى الوَرِق، وكذلك لا يُضمُّ نِصابُ الغَنَمِ إلى نِصابِ البَقَرِ، مع أنَّ المقصودَ واحِدٌ، وهو التَّنميةُ ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/257)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/268)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/102).
ثالثًا: أنَّهما مالان يختلِفُ نِصابُهما؛ فلا يُضمُّ أحدُهما إلى الآخَرِ، ومن رام ضمَّ أحدِهما إلى الآخر فقد أحْدث حُكمًا في الشَّرعِ حيث لا حُكمَ؛ لأنَّه قد قال بنِصابٍ ليس هو بنِصابِ ذهبٍ ولا فضَّةٍ، ويستحيلُ في عادةِ التَّكليفِ والأمر ِبالبيانِ أن يكونَ في أمثالِ هذه الأشياءِ المحتمَلَة حُكمٌ مخصوصٌ، فيسكُتُ عنه الشَّارعُ ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/258، 259)، ((المغني)) لابن قدامة (3/36).
رابعًا: أنَّ رجلًا لو ملَكَ عِشرينَ دينارًا، وسِعرُ الدنانيرِ يومَئذٍ تسعةُ دراهمَ، أو أقلُّ من ذلك؛ كانت الزَّكاةُ واجبةً عليه، وهو غيرُ مالكٍ لِمِئَتي درهمٍ، ولو كانت له عشرةُ دنانيرَ، وقيمةُ الدَّنانيرِ يومَئذٍ عشرونَ درهمًا، أو أكثرُ؛ لم تكن عليه زكاةٌ، وهو مالِكٌ لِمِئَتي درهمٍ فصاعدًا، فظهر بذلك أنَّهما جِنسانِ مستقلَّان لا يُعتبَرُ أحدُهما بالآخَرِ في بلوغ النِّصَابِ ((الأموال)) لأبي عبيد (ص: 513 - 515).
فرع: ضمُّ قيمةِ العُروضِ إلى الذَّهَبِ والفضَّةِ:
تُضمُّ قيمةُ العُروضِ إلى الذَّهَب أو الفِضَّة- وفي حُكمِهما العملةُ النقديَّةُ- ويُكمِلُ بها نِصابَ كلٍّ منهما.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماع على ذلك: الخطَّابيُّ قال الخطَّابيُّ: (لا أعلَمُ عامَّتَهم اختلفوا في أنَّ من كانت عنده مئةُ درهمٍ، وعنده عَرْضٌ للتِّجارة يساوي مئةَ درهمٍ وحال الحَوْلُ عليهما أنَّ أحدَهما يُضمُّ إلى الآخَرِ وتجِبُ الزَّكاة فيهما). ((معالم السنن)) (2/16)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/36). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (فإنَّ عروضَ التِّجارة تُضمُّ إلى كلِّ واحدٍ مِنَ الذَّهَبِ والفضة، ويُكَمَّل به نِصابه، لا نعلمُ فيه اختلافًا). ((المغني)) (3/36). ، والكمالُ ابنُ الهمام قال الكمال ابن الهمام: (حاصله: أنَّ عروضَ التِّجارة يُضَمُّ بعضُها إلى بعضٍ بالقيمةِ وإن اختلفت أجناسُها، وكذا تُضمُّ هي إلى النَّقدينِ بالإجماع). ((فتح القدير)) (2/221)
ثانيًا: أنَّ زكاةَ التِّجارة تتعلَّقُ بالقيمةِ، فهما جِنسٌ واحدٌ، فيجِبُ ضمُّهما إليه ((المغني)) لابن قدامة (3/36)، ((الفروع)) لابن مفلح (4/138).

انظر أيضا: