الموسوعة الفقهية

المطلب الثالث: عُقوبةُ مانِعِ الزَّكاة


الفرع الأوَّل: العُقوبات الأُخرويَّة
وردَتْ عقوباتٌ أخرويَّة خاصَّة في الكتابِ والسُّنةِ لمانِعِ الزَّكاة؛ ترهيبًا من هذا الفعل:
1- قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة: 34-35]
2- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((مَن آتاه اللهُ مالًا، فلم يؤَدِّ زكاتَه، مُثِّلَ له ماله شُجاعًا الشجاع: الحيَّة الذَّكر، وقيل: الحية مطلقًا، وقيل: الشجاع الذي يواثِبُ الراجِلَ والفارِسَ، ويقوم على ذَنبه، وربما بلغ رأسَ الفارس ويكون في الصحاري. ((النهاية)) لابن الأثير (2/447)، ((شرح النووي على مسلم)) (7/71). أقرَعَ الأقرع: الذي تمعَّط شَعْرُه لكثرةِ سُمِّه. ((شرح النووي على مسلم)) (7/71) ((النهاية)) لابن الأثير (4/44). ، له زبيبتانِ زبيبتان: تثنية زَبيبةٍ، وهي نُكتةٌ سوداءُ فوق عينِ الحيَّة، وقيل: هما نقطتان تكتنفان فاها، وقيل: هما زبدتان في شِدْقَيها. ((النهاية)) لابن الأثير (2/292)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/126). ، يُطوِّقه يومَ القيامة، يأخُذُ بلِهْزِمَتَيهِ- يعني شِدْقَيه، ثم يقول: أنا مالُكَ، أنا كَنْزُك. ثم تلا: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران: 180] )) رواه البخاري (1403).
3- عن أبي هُرَيرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما مِنْ صاحِبِ ذهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يؤدِّي منها حقَّها إلَّا إذا كان يومُ القيامةِ، صُفِّحَتْ له صفائِحُ من نارٍ، فأُحمِيَ عليها في نارِ جهنَّمَ، فيُكوى بها جنبُه وجبينُه وظهرُه، كلَّما برُدَتْ أُعيدَت له، في يومٍ كان مقدارُه خمسينَ ألفَ سَنةٍ، حتَّى يُقضَى بين العبادِ؛ فيُرَى سبيلَه؛ إمَّا إلى الجنَّة وإمَّا إلى النَّار... الحديث )) رواه مسلم (987).
الفرع الثاني: العقوباتُ الدُّنيويَّة
المسألة الأولى: مانِعُ الزَّكاة الذي تحت قَبضةِ الإمام
مَن مَنَعَ الزَّكاةَ وهو في قبضةِ الإمامِ تُؤخَذُ منه قهرًا.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ:
قوله تعالى:خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ [التوبة: 103]
وجه الدَّلالة:
أنَّ هذا الخطابَ وإن كان متوجِّهًا إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأخذِ الزَّكاةِ إلَّا أنَّه يقوم مقامَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيه الخلفاءُ والأمراءُ مِن بعدِه قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (إجماعُهم على أنَّ قولَ الله عزَّ وجلَّ: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ **التوبة: 103** ينوب فيها منابَه، ويقومُ فيها مقامه، الخلفاءُ والأمراءُ بعده) ((الاستذكار)) (2/226).
ثانيًا: من السُّنَّة
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لمعاذِ بِنِ جبلٍ رَضِيَ اللهُ عنه حين بعثَه إلى اليمن: ((...فأعْلِمْهم أنَّ اللهَ افتَرَض عليهم صدقةً في أموالِهم، تُؤخَذ من أغنيائِهم وتُردُّ على فُقَرائِهم )) رواه البخاري (1395)، ومسلم (19).
وجه الدَّلالة:
دلَّ الحديثُ على أنَّ الإمامَ هو الذي يتولَّى قبْضَ الزَّكاة وصَرْفَها؛ إمَّا بنَفْسه، وإمَّا بنائِبِه، فمَنِ امتنَعَ منها أُخِذَتْ منه قهرًا ((فتح الباري)) لابن حجر (3/360).
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ 
نقَلَ الإجماعَ على أخْذِ الزَّكاةِ مِن مانِعِها قهرًا: ابنُ بطَّال قال ابنُ بطَّال: (أجمع العلماءُ على أنَّ مانِعَ الزَّكاة تؤخَذُ من ماله قهْرًا). ((شرح صحيح البخاري لابن بطال)) (3/391). ، وابنُ عَبدِ البَرِّ قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (لا خلافَ بين العلماء أنَّ للإمامِ المطالبةَ بالزَّكاة، وأنَّ من أقرَّ بوجوبِها عليه، أو قامت عليه بها بيِّنةٌ كان للإمام أخذُها منه). ((الاستذكار)) (3/217). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (للإمام ولايةٌ في أخْذِها؛ ولذلك يأخُذُها من الممتنِعِ اتِّفاقًا ولو لم يُجْزِئْه لَمَا أخذها). ((المغني)) (2/478). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم في الرواية الأخيرة: (فأخبِرْهم أنَّ اللهَ فَرَضَ عليهم زكاةً تُؤخذ من أموالهم) قد يُستدلُّ بلفظة (من أموالهم) على أنَّه إذا امتنع من الزَّكاة أُخِذَت من ماله بغيرِ اختياره، وهذا الحُكم لا خلافَ فيه، ولكن هل تبرأ ذمَّتُه ويُجزيه ذلك في الباطن؟ فيه وجهان لأصحابنا). ((شرح النووي على مسلم)) (1/200). ، والصنعانيُّ قال الصنعانيُّ: (يأخذ الإمامُ الزَّكاةَ قهْرًا ممَّن منعها، والظاهر أنَّه مُجمَعٌ عليه). ((سبل السلام)) (1/521).
المسألة الثانية: هل يُعاقَبُ مانِعُ الزَّكاةِ بأخْذِ زيادةٍ على الواجِبِ؟
اختلف أهلُ العِلم في عقوبةِ مانعِ الزَّكاة؛ بأخذِ زيادةٍ على الواجِبِ منه أو لا، وذلك على قولين:
القول الأوّل: يؤخَذُ مِن مانِعِ الزَّكاةِ الواجِبُ فقط، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّة الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/291)، ويُنظر:  ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي (4/20). ، والمالكيَّة ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) و((حاشية البناني)) (8/ 201)، ويُنظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الحفيد (9/320)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/135). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/331)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/208). ، والحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (4/246)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/257). ، وهو قولُ أكثَرِ أهلِ العِلم قال ابنُ قدامة: (إنْ مَنَعَها معتَقِدًا وجوبَها، وقَدَرَ الإمامُ على أخْذِها منه، أخَذَها وعَزَّرَه، ولم يأخذْ زيادةً عليها، في قولِ أكثر أهل العِلم؛ منهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأصحابهم). ((المغني)) (2/428).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الزَّكاةَ مُنِعَتْ في زمنِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه بعد وفاةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يُنقَل أنَّ أحدًا أخذَ زيادةً على الواجبِ، أو قال بذلك، مع توفُّرِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم ((المغني)) لابن قدامة (2/428).
ثانيًا: أنَّ الزَّكاة عبادةٌ، فلا يجبُ بالامتناعِ منها أخذُ شَطْرِ مالِه، كسائِرِ العباداتِ ((المجموع)) للنووي (5/332).
ثالثًا: أنَّه لا يُزادُ على أخذِ الحُقوقِ مِن الظَّالمِ كسائِرِ الحقوقِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/257).
القول الثاني: أنَّ الزَّكاة تؤخَذُ منه، ويعزَّرُ بأخْذِ شَطْرِ مالِه هناك اختلاف؛ هل يعزَّر بأخْذِ شَطْرِ مالِه كلِّه، أو بشطرِ المالِ الذي منَعَ زكاتَه؟ ، وهو قولُ الشافعيِّ في القديمِ ((المجموع)) للنووي (5/331)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/208). ، وهو قولٌ للحَنابِلَة ((المغني)) لابن قدامة (2/428)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/135). ، وبه قال الأوزاعيُّ وإسحاقُ بنُ راهَوَيه قال ابنُ القيِّم: (وقال بظاهر الحديث- أي: إنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالهِ- الأوزاعي والإمام أحمد وإسحاق بن راهويه على ما فصل عنهم، وقال الشافعيُّ في القديم: مَن مَنَعَ زكاة ماله أُخِذَتْ منه وأُخِذَ شَطْرُ مالِه؛ عقوبةً على مَنْعِه واستدلَّ بهذا الحديث). ((حاشية ابن القيم مع عون المعبود)) (4/318). قال ابنُ قدامة: (وقال إسحاقُ بن راهويه وأبو بكر عبد العزيز: يأخُذُها وشطرَ ماله). ((المغني)) (2/428). ، واختاره ابنُ القيِّمِ قال ابنُ القيِّم: (أمَّا تغريمُ المال- وهو العقوبةُ المالية- فشَرْعُها في مواضعَ: منها تحريقُ متاعِ الغالِّ مِنَ الغنيمةِ، ومنها حِرْمانُ سَهْمِه، ومنها إضعافُ الغُرمِ على سارِقِ الثِّمارِ المعلَّقة، ومنها إضعافُه على كاتمِ الضالَّة الملتَقَطة، ومنها أخذُ شَطْرِ مالِ مانِعِ الزَّكاة) ((إعلام الموقعين)) (2/129). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (الصحيح أنَّه يُعَزَّر بما ورد في حديثِ بَهْزِ بن حكيم عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال فيمن مَنَعَها: ((إنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه؛ عَزْمةٌ من عَزَماتِ رَبِّنا))، ولا شكَّ أنَّ الشَّرْعَ إذا عيَّن نوعًا من العقوبة، ولو بالتعزيرِ؛ فهي خير ممَّا يفرِضُه السلطان، فنأخُذها وشَطْرَ ماله. وشطرُ المال أي: نصِفُه. ولكن: هل هو شطر مالِه عمومًا، أو شطرُ ماله الذي مَنَعَ منه زكاته؟ الجواب: في هذا قولان للعلماء: الأوَّل: أنَّنا نأخذ الزَّكاةَ ونصفَ ماله الذي مَنَعَ زكاتَه. الثاني: أنَّنا نأخذُ الزَّكاةَ ونصفَ مالِه كلِّه... فإذا كان محتملًا، فالظاهِرُ أنَّنا نأخذ بأيسَرِ الاحتمالينِ؛ لأنَّ ما زاد على الأيسَرِ فمشكوكٌ فيه، والأصلُ احترامُ مالِ المُسلمِ. ولكن إذا انهمك النَّاسُ وتمرَّدوا في ذلك ومنعوا الزَّكاةَ، ورأى وليُّ الأمرِ أن يأخُذَ بالاحتمال ِالآخَرِ، فيأخذ الزَّكاة ونِصْفَ المالِ كلِّه؛ فله ذلك)) ((الشرح الممتع)) (6 /200-201). ، وبه أفتتِ اللَّجنة الدَّائمة قالت اللَّجنة الدَّائمة: (إنَّ هَدْيَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخذُ الزَّكاة مِن مانِعِها بالقوَّة مع تعزيرِه على مَنْعِها؛ فقد صحَّ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم من حديث بَهز بن حَكيم عن أبيه عن جدِّه، أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((في كل سائمةِ إبلٍ؛ في كلِّ أربعين بنتُ لَبُونٍ، لا تُفرَّقُ إبِلٌ عن حِسَابها، من أعطاها مؤتَجِرًا بها فله أجْرُها، ومَن مَنَعَها فإنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه؛ عَزْمةٌ مِن عَزَماتِ رَبِّنا عزَّ وجلَّ، ليس لآلِ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم منها شيءٌ)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي) ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الثانية)) (3 /163).
الدَّليل مِنَ السُّنَّة: 
عن بَهْزِ بنِ حَكيم، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه كان يقول: ((في كلِّ سائمةٍ مِنَ الإبل، في كلِّ أربعينَ بنتُ لَبونٍ، لا تُفرَّقُ عَن حِسابِها، مَن أعطاها مُؤتَجِرًا فله أجْرُها، ومَن أباها فإنِّي آخِذُها وشَطْرَ مالِه؛ عَزْمةٌ مِن عَزَماتِ رَبِّنا، لا يحِلُّ لآلِ محمَّدٍ منها شيءٌ )) رواه أبو داود (1575)، والنسائي (5/15)، وأحمد (5/2) (20030)، والدارمي (1/486) (1677)، وابن خزيمة (4/18) (2266) صححه علي بن المديني وأحمد بن حنبل كما في ((تهذيب السنن)) (4/453)، وقال ابن معين كما في ((التلخيص الحبير)) (2/737):إسناده صحيح إذا كان من دون بهز ثقة، وقال ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (1/296): لا أعلم له علة غير بهز والجمهور على توثيقه، وحسَّن إسنادَه  ابن حجر في ((الكافي الشافي)) (221)، وصحح إسناده العيني في ((عمدة القاري)) (9/19)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1575)
المسألة الثالثة: مانِعُ الزَّكاةِ الذي ليس في قبضةِ الإمام
مانعو الزَّكاةِ الذين ليسوا في قبضةِ الإمامِ يُقاتَلون حتى يؤدُّوها.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة: 5]
وَجهُ الدَّلالة:
أنَّ الآيةَ دَلَّتْ على تَرْكِ قتالِهم وتخلِيةِ سَبيلِهم بثلاثةِ شُروطٍ؛ وهي: الدُّخُولُ في الإسلامِ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وإلَّا جازَ قتالُهم ((تفسير ابن كثير)) (4/111).
ثانيًا: من السُّنَّة
عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((لـمَّا تُوفِّيَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم واستُخلِفَ أبو بكرٍ، وكَفَر مَن كَفَر مِنَ العَرَبِ، قال عُمَرُ: يا أبا بكرٍ، كيف تُقاتِلُ النَّاسَ، وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: أُمِرتُ أن أقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلهَ إلَّا اللهُ، فمَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، عَصَمَ منِّي مالَه ونفسَه إلَّا بحقِّه، وحسابُه على اللهِ؟ قال أبو بكرٍ: واللهِ لأقاتِلَنَّ مَن فرَّقَ بين الصَّلاةِ والزَّكاةِ؛ فإنَّ الزَّكاةَ حقُّ المالِ، واللهِ لو منعوني عَناقًا كانوا يؤدُّونَها إلى رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لقاتَلْتُهم على مَنْعِها. قال عُمَرُ: فواللهِ ما هو إلَّا أن رأيتُ أنْ قد شرَحَ اللهُ صَدْرَ أبي بكرٍ للقِتالِ، فعَرَفْتُ أنَّه الحَقُّ )) رواه البخاري (1399، 1400)، ومسلم (20).
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ 
نقَلَ إجماعَ الصَّحابةِ على قتالِ مانِعِي الزَّكاةِ حتى يؤدُّوها: ابنُ بطَّال قال ابنُ بطَّال: (فرأى أبو بكر، رَضِيَ اللهُ عنه، قتالَ الجميع، ووافقه على ذلك جميعُ الصحابة بعد أن خالَفَه عُمَرُ في ذلك، ثم بان له صوابُ قَولِه، فرجع إليه). ((شرح صحيح البخاري)) (3/391). ، وابنُ عَبدِ البَرِّ قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (واتَّفق أبو بكرٍ وعُمَرُ وسائر الصحابة على قتالِهم حتى يؤدُّوا حَقَّ اللهِ في الزَّكاة كما يلزَمُهم ذلك في الصَّلاة). ((الاستذكار)) (3/214). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (واتَّفق الصحابة رَضِيَ اللهُ عنهم على قتالِ مانعيها). ((المغني)) (2/427). ، والنوويُّ قال النووي: (وثبت في الصَّحيحينِ من رواية أبي هريرة أنَّ الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم اختلفوا أوَّلًا في قتال مانعي الزَّكاة، ورأى أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قتالَهم، واستدلَّ عليهم، فلمَّا ظهَرَتْ لهم الدَّلائلُ وافقوه، فصار قتالُهم مُجمَعًا عليه). ((المجموع)) (5/334).

انظر أيضا: