الموسوعة الفقهية

المطلب السادس: وقتُ التَّعزيَةِ


اختلفَ أهْلُ العِلْمِ في آخِرِ وقتِ التَّعزيةِ على قولينِ:
القول الأول: وقْتُ التَّعزيةِ من حينِ الموتِ إلى حينِ الدَّفْنِ، وبعدَ الدَّفْنِ إلى ثلاثةِ أيَّامٍ [9128] إلَّا إن كان المُعَزَّى غائبًا أو المُعَزِّي، ولم يَلْقَ أحدُهما الآخَرَ؛ فلا بأسَ أن يُعَزِّيَه متى لَقِيَه بعد ثلاثةِ أيَّامٍ. ينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/667)، ((المجموع)) للنووي (5/306)، ((الفروع وتصحيح الفروع)) لابن مفلح (3/404). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [9129] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي)) (1/246). ويُنظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/110) ، والمالِكيَّة [9130] ((الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي)) (1/419)، ((منح الجليل)) لعليش (1/500). ، والشَّافعيَّة [9131] ((المجموع)) للنووي (5/306)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/41). ، والحَنابِلَة [9132] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/396). ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/160).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ المقصودَ بالتعزيَةِ والحِكمةَ منها تسكينُ قلبِ المصابِ مِن أهْلِ المَيِّت، وتَسْلِيتُه، والغالِبُ أنَّ قَلْبَ المُصابِ منهم يسْكُنُ ويهدأُ بعد الثلاثةِ، فلا يُجَدَّدُ له الحُزْن بالتَّعزيةِ [9133] ((المجموع)) للنووي (5/306).
ثانيًا: لأنَّها مُدَّةُ الإحدادِ المُطْلَقِ [9134] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/380). فقد أَذِنَ الشَّارِعُ في الإحدادِ في الثَّلاثِ، بقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يحِلُّ لامرأةٍ تُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ أن تُحِدَّ على ميِّتٍ فوق ثلاثةِ أيَّامٍ، إلَّا على زَوْجِها: أربعةَ أشْهُرٍ وعشْرًا )) [9135] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/160). والحديث أخرجه البخاري (1280)، ومسلم (1486) من حديث أم حبيبة.
القول الثاني: أنَّ التعزيةَ ليس لآخِرِها وقْتٌ محدَّدٌ، وهو وجهٌ للشافعيَّةِ [9136] ((المجموع)) للنووي (5/306). ، وقولٌ لبعض الحَنابِلَة [9137] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/396). ، وهو قولُ ابن تيميَّة [9138] ((الفروع)) لابن مفلح (3/404). ، وابن باز [9139] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/379). ، وابن عثيمين [9140] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/340). ، والألباني [9141] ((أحكام الجنائز)) للألباني (ص: 165).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ المقصودَ بالتعزيةِ الدُّعاءُ، والحَمْلُ على الصَّبْرِ، والنَّهْيُ عن الجَزَعِ، وتقويةُ المصابِ على تحمُّلِ هذه المصيبةِ، واحتسابُ الأجرِ، وذلك يحصُلُ مع طولِ الزمانِ إلى أن تُنْسَى المصيبةُ [9142] ((المجموع)) للنووي (5/306)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/340).
ثانيًا: لأنَّه لا دليلَ على تحديدِ آخِرِ وقتٍ للتَّعزيَةِ [9143] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/380) ينظر: ((أحكام الجنائز)) للألباني (ص 209).

انظر أيضا: