الموسوعة الفقهية

المطلب الأول: حُكم الجَهرِ والإسرارِ بالقِراءة في صَلاةِ الكُسوفِ


صلاةُ كُسوفِ الشَّمسِ صَلاةٌ جهريَّة، وهذا مذهبُ الحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبُهوتي (2/62)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/313). ، والظاهريَّة قال ابنُ حزم: (قَطْعُ عائشةَ، وعُروةَ، والزُّهريِّ، والأوزاعيِّ بأنَّه عليه السَّلام جهَر فيها أَوْلى من ظُنونِ هؤلاء) ((المحلى)) (3/319)، ونقلَه النوويُّ عن داود الظاهريِّ. يُنظر: ((المجموع)) للنووي (5/52). ، وقولُ أبي يُوسفَ ورِواية عن محمَّد بن الحسنِ من الحَنَفيَّة قال ابنُ عابدين: (وقال أبو يوسف: يَجهَر، وعن محمَّد رِوايتان) ((حاشية ابن عابدين)) (2/182). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/281). ، وقول للمالكيَّة ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/106). ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف قال ابنُ المنذر: (ممَّن رُوِّينا عنه أنه جهَر بالقراءة في صلاة الكسوف: عليُّ بن أبي طالب، وفَعَل ذلك عبدُ الله بن يزيد، وبحضرته البَراءُ بن عازب وزيدُ بن أرقمَ، وبه قال أحمدُ، وإسحاق) ((الإشراف)) (2/304). وقال ابنُ قدامة: (وأمَّا الجهر فقد رُوي عن علي رضي الله عنه، وفَعَله عبدُ الله بن زيد وبحضرته البَراءُ بن عازب وزيد بن أرقم، وبه قال أبو يوسف، وإسحاق، وابن المنذر) ((المغني)) (2/314). وقال النوويُّ: (قال الخطَّابي: الذي يجيء على مذهب الشافعي أنَّه يَجهَر في كسوف الشمس، كذا نقلَه الرافعيُّ عن الخطابي، ولم أرَه في كتاب الخطَّابي) ((المجموع)) (5/52). ، واختاره ابنُ خُزَيمةَ قال الشوكانيُّ: (إلَّا أنَّ الجهر أَوْلى من الإسرار؛ لأنَّه زيادة، وقد ذهب إلى ذلك أحمد وإسحاق، وابن خزيمة وابن المنذر، وغيرهما من محدِّثي الشافعية، وبه قال صاحبَا أبي حنيفة، وابنُ العربيِّ من المالكيَّة) ((نيل الأوطار)) (3/395). ، وابنُ المنذرِ قال ابنُ المنذر: (بالقول الأوّل «أي: الجهر» أقول؛ لحديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه جهَر بالقِراءة) ((الإشراف)) (2/304). ، وابنُ العربيِّ قال ابن العربي: (والجهرُ عندي أَوْلى؛ لأنَّها صلاةُ الجماعة، يُنادي لها كما يُنادي للصبح: الصلاة جامعة، ويَخطُب لها كما في بعضِ الرِّوايات) ((عارضة الأحوذي)) (3/42). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (الجهر أَوْلى من الإسرار؛ لأنَّه زيادة) ((نيل الأوطار)) (3/395). ، وابنُ عُثَيمين قال ابنُ عثيمين: (السُّنَّة في صلاة الكسوف الجهرُ، سواء في الليل أو في النهار، وهو كذلك؛ لحديث عائشةَ) ((الشرح الممتع)) (5/183). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (السُّنةُ الجهرُ في صلاة الكسوف؛ لأنَّ الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جهَر فيها عند حصولِ الكسوف، وصلَّى بالناس) ((فتاوى نور على الدرب)) (13/393).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جهَرَ في صلاةِ الخُسوفِ )) رواه البخاري (1065)، ومسلم (901).
ثانيًا: أنَّها نافلةٌ شُرِعتْ لها الجماعة، فكان مِن سُننها الجهرُ، كصلاةِ الاستسقاءِ، والعيد، والتَّراويح ((المغني)) لابن قدامة (2/314)، ((الاستذكار)) لابن عبد البر (2/415). قال ابنُ عبد البَرِّ: (ومِن حُجَّة مَن قال بالجهر في صلاة الكسوف: إجماعُ العلماء على أنَّ كلِّ صلاة سُنَّتها أن تُصلَّى في جماعةٍ من الصلوات المسنونات، فسنتها الجهرُ كالعيدين والاستسقاء، قالوا: فكذلك الكسوف) ((الاستذكار)) (2/415).

انظر أيضا: