الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابع: الأذانُ والإقامةُ في صلاةِ العيدينِ


لا يُشرَعُ لصلاةِ العيدِ أَذانٌ ولا إقامةٌ.
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عنِ ابنِ جُريجٍ، قال: أخبَرني عطاءٌ، عن ابن عبَّاسٍ، وعن جابرِ بن عبد الله الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنهم، قالَا: (لم يَكُن يُؤذَّنُ يومَ الفطرِ ولا يومَ الأضحى. ثم سألتُه (أي: سأل ابنُ جُريجٍ عطاءً) بعد حينٍ عن ذلِك؟ فأخبرني، قال: أخبرني جابرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصاريُّ: أنْ لا أذانَ للصلاةِ يوم الفِطر، حين يخرُج الإمام، ولا بعدَما يخرُجُ، ولا إقامةَ، ولا نِداءَ، ولا شيءَ، لا نِداءَ يومئذٍ، ولا إقامةَ) [6427] رواه البخاري (960)، ومسلم (886).
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((شهدتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصلاةَ يومَ العيدِ، فبدأ بالصَّلاةِ قبلَ الخُطبة بغيرِ أذانٍ ولا إقامةٍ )) رواه مسلم (885).
3- عن جابرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((شهدتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العيدينِ غيرَ مرَّةٍ، ولا مرَّتينِ بغيرِ أذانٍ ولا إقامةٍ )) رواه مسلم (887).
ثانيًا: من الآثار
عن عطاءٍ، أنَّ ابنَ عبَّاس، أرسل إلى ابنِ الزُّبيرِ أوَّلَ ما بُويعَ له: (أنَّه لم يكُن يُؤذَّن للصَّلاةِ يومَ الفِطرِ، فلا تُؤذِّنْ لها، قال: فلم يُؤذِّنْ لها ابنُ الزُّبَيرُ يومَه ) رواه البخاري (959)، ومسلم (886).
ثالثا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البَرِّ قال ابنُ عبد البرِّ: (رُوي من وجوه شتَّى صِحاح عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه لم يكُن يؤذَّن له ولا يُقام في العيدين، من حديث جابرِ بن عبد الله، وجابرِ بن سَمُرة، وعبد الله بن عبَّاس، وابنِ عُمرَ، وسعد، وهي كلها ثابتةٌ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّه صلَّى العيد بغير أذان ولا إقامة، وهو أمر لا خلافَ فيه بين علماء المسلمين وفقهاء الأمصار وجماعة أهل الفقه والحديث) ((التمهيد)) (10/243). وقال أيضًا: (وهو أمرٌ لا خِلافَ فيه بين العلماء، ولا تنازُع بين الفقهاء؛ أنَّه لا أذان ولا إقامة في العيدين، ولا في شيءٍ من الصلوات المسنونات والنَّوافل) ((التمهيد)) (24/239) ، والباجيُّ قال الباجي: (ولا أعلمُ في هذه المسألة خلافًا بين فقهاء الأمصار) ((المنتقى))‏ (1/315). ، وابنُ رُشد [6433] قال ابنُ رشد: (أجمَع العلماءُ على... أنَّهما بلا أذانٍ ولا إقامة) ((بداية المجتهد)) (1/227). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامة: (مسألة: قال: (بلا أذان ولا إقامة) ولا نعلم في هذا خلافًا ممَّن يُعتَدُّ بخلافه، إلَّا أنه رُوي عن ابن الزبير أنَّه أذَّن وأقام. وقيل: أوَّل مَن أذَّن في العيد ابنُ زياد. وهذا دليلٌ على انعقاد الإجماع قبله، على أنه لا يُسنُّ لها أذان ولا إقامة، وبه يقول مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي) ((المغني)) (2/280). ، والنوويُّ [6435] قال النوويُّ: (وأجمَعوا أنه لا يُؤذَّن لها ولا يُقام) ((شرح النووي على مسلم)) (6/189). وقال أيضًا: (وبهذا قال جمهورُ العلماء من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم، وعليه عمَلُ الناس في الأمصار..) ((المجموع)) (5/14).
 مطلب: حُكمُ النِّداءِ لصلاةِ العِيدينِ بـ"الصَّلاةَ جامعةً"
لا يُشرَعُ قولُ: (الصَّلاةَ جامعةً) في النِّداء لصلاةِ العيدين، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة لم يذكُرِ الحنفيَّةُ مشروعيَّةَ النداء بـ(الصلاة جامعةً) إلَّا في صلاة الكسوف، مع تقريرِهم أنَّ العيدين لا أذانَ لهما ولا إقامة. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (2/182)، ((المبسوط)) للسرخسي (1/243)، كما يُنظر أيضًا: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/84). ، والمالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/570)، ((منح الجليل)) لابن عليش (1/460). ، وروايةٌ عن أحمدَ ((شرح عُمدة الفِقه- كتاب الصلاة)) لابن تيمية (ص: 99، 100). ، واختارَه ابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامة: (عن جابر: «أنْ لا أذانَ يومَ الفطر حين يخرُج الإمام، ولا بعدَما يخرج الإمام، ولا إقامة، ولا نداءَ ولا شيء، لا نِداءَ يومئذٍ ولا إقامة». رواه مسلم. وقال بعض أصحابنا: يُنادَى لها: الصلاة جامعة، وهو قولُ الشافعيِّ، وسُنَّةُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحقُّ أن تُتبع) ((المغني)) (2/281). ، وابنُ تَيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (السُّنة أن يُنادي للكسوف بـ(الصلاة جامعة)؛ لحديث عائشة: «خسَفت الشمس على عهد النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبَعث مناديًا: الصلاة جامعة»، ولا يُنادي للعيد والاستسقاء، وقاله طائفةٌ من أصحابنا؛ ولهذا لا يُشرع للجنازة ولا للتراويح على نصِّ أحمد، خلافًا للقاضي؛ لأنَّه لم يُنقَل عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والقياس على الكسوف فاسدُ الاعتبار) ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 407). ، وابنُ القيِّم قال ابنُ القيِّم: (كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا انتهى إلى المصلَّى، أخَذ في الصَّلاة من غير أذانٍ ولا إقامة، ولا قول: الصلاة جامعة، والسُّنة: أنه لا يُفعل شيءٌ من ذلك) ((زاد المعاد)) (1/442). ، والصَّنعانيُّ قال الصَّنعانيُّ: (أمَّا القول بأنَّه يُقال في العيد عوضًا عن الأذان: الصلاة جامعة، فلم تردْ به سُنَّة في صلاة العيدين) ((سبل السلام)) (1/123). ، وابنُ بازٍ سُئِل ابن باز: (الذين يُنادون في صلاة العيد، وفي صلاة الاستسقاء بقولهم: الصلاة جامعة؛ هلْ عليهم في ذلك من شيء؟ فأجاب: لا نعلم لهذا أصلًا، بل الذي ينبغي تركُه؛ لأنَّه في الحُكم الشرعي من البِدع، فلا يَنبغي أن يُقال: الصلاة جامعة، ولا: صلاة العيد، ولا: صلاة التراويح. كلُّ هذا لا ينبغي، إنُما يُقال هذا في صلاة الكسوف: الصلاة جامعةً) ((فتاوى نور على الدرب)) (13/376). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثَيمين: (صلاةُ العيد ليس لها أذانٌ ولا إقامة، كما ثبتَتْ بذلك السُّنة، ولكن بعض أهل العِلم رحمهم الله قالوا: إنَّه يُنادى لها «الصلاة جامعةً»، لكنه قولٌ لا دليلَ له؛ فهو ضعيف. ولا يصحُّ قياسها على الكسوف؛ لأنَّ الكسوف يأتي من غير أن يَشعُر الناس به، بخلاف العيد فالسُّنة أن لا يُؤذَّن لها، ولا يقام لها، ولا يُنادى لها «الصلاة جامعة» وإنما يخرج الناس، فإذا حضر الإمامُ صلَّوْا بلا أذان ولا إقامة، ثم من بعد ذلك الخُطبة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/237) 238).
الأدلَّة:
أولًا: مِنَ السُّنَّة
عن ابنِ جُريجٍ، قال: أخبرني عطاءٌ، عن ابن عبَّاسٍ، وعن جابرِ بن عبد اللهِ الأنصاريِّ، قالا: (لم يكُن يُؤذَّن يومَ الفِطرِ، ولا يومَ الأضحى، قال ابنُ جُريج: ثم سألتُه (يعني عطاءً) بعد حينٍ عن ذلِك، فأخبرني قال: أخبرني جابرُ بنُ عبد الله الأنصاريُّ أنْ لا أذانَ للصلاةِ يومَ الفِطر حين يخرُج الإمام، ولا بعدَما يخرُج، ولا إقامةَ، ولا نِداءَ، ولا شيءَ؛ لا نِداءَ يومئذٍ، ولا إقامةَ رواه البخاري (960)، ومسلم (886).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ قوله: (لا أذانَ... ولا إقامةَ ولا شيءَ) يدلُّ على أنَّه لا يُقال أمامَ صلاةِ العيدِ شيءٌ من الكلامِ ((فتح الباري)) لابن حجر (2/452).
ثانيًا: عدمُ ورودِه مع تكرُّرِ تعييدِه عليه الصلاة والسلام، وقد استسقى، ولم يُنقَلْ عنه فيه نداءٌ كما نُقِل عنه في الكسوفِ، مع أنَّ صلاةَ الكسوفِ كانتْ أقلَّ، ولو كان ذلك معلومُا من فِعله لَنُقِل كما قد نُقِل غيرُه بالرِّواياتِ المشهورةِ ((شرح عمدة الفقه- كتاب الصلاة)) لابن تيمية (ص: 100)، وينظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/570)، ((منح الجليل)) لابن عليش (1/460).
ثالثًا: أنَّه لا حاجةَ له؛ فإنَّ يومَ العيد يومٌ معلومٌ، مُجتمَع له، قد أعدُّوا له؛ فأغنى اجتماعُهم له عن النِّداء، ولم يبقَ للنداء فائدةٌ إلَّا الإعلان بنفس الدخولِ في الصلاة، وهذا يحصُلُ بالتكبيرِ والمشاهدةِ أمَّا قياس العيد على الكسوف، فلا يصحُّ؛ وذلك لتكرُّر العيد وشُهرته، وندورِ الكسوف. يُنظر: ((شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة)) لابن تيمية (ص: 100)، ((منح الجليل)) لابن عليش (1/460).

انظر أيضا: