الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثالث: ما يُستحَبُّ قِراءتُه في صلاة الجمعة


الفَرعُ الأَوَّل: قِراءةُ سورةِ (الجُمُعةِ) في الأُولى، و(المُنافِقون) في الثَّانية
يُستحبُّ في صلاةِ الجُمُعة قِراءةُ سُورتَي: (الجُمُعة) قال الأوزاعيُّ: (ما نعلم أحدًا من أئمَّة المسلمين ترَك سورة الجُمعة يومَ الجمعة). انظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البَرِّ (2/53). و(المنافقون) قال ابنُ القيِّم: (ولا يُستحب أنْ يقرأ مِن كلِّ سورة بعضها، أو يقرأ إحداهما في الركعتين؛ فإنَّه خلافُ السُّنَّة، وجهَّال الأئمَّة يداومون على ذلك) ((زاد المعاد)) (1/369). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ من الحَنَفيَّة ((البناية)) للعيني (3/92)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/161). ، المالِكيَّة ((الكافي)) لابن عبد البر (1/251)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/629). عند المالكيَّة: يُستحبُّ في الأولى قِراءة سورة الجمعة، وفي الركعة الثانية مُخيَّر بين قراءة الأعلى، أو الغاشية، أو المنافقون. ، الشافعيَّة ((فتح العزيز)) للرافعي (4/622)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/434). ، والحَنابِلَة ((المغني)) لابن قدامة (2/230)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/189)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 38).
الدَّليلُ من السُّنة:
عن ابنِ أبي رافعٍ، قال: ((استخلَفَ مَروانُ أبا هريرةَ على المدينةِ، وخرج إلى مكَّةَ، فصلَّى لنا أبو هريرةَ الجُمُعةَ، فقرأ بعد سورةِ الجُمُعةِ، في الركعةِ الآخرةِ: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، قال: فأدركتُ أبا هُريرةَ حين انصرَفَ، فقلتُ له: إنَّك قرأتَ بسُورتَينِ كان عليُّ بنُ أبي طالبٍ يَقرأُ بهما بالكوفةِ، فقال أبو هريرة: إني سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ بهما يومَ الجُمُعةِ )) رواه مسلم (877).
الفَرعُ الثَّاني: استحبابُ القِراءةِ بسُورةِ الأَعْلى والغاشية
يُستحَبُّ في صَلاةِ الجُمُعةِ القراءةُ بسُورتَي: (سبِّح)، و(الغاشية)، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/169) ويُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (2/65). ، والمالِكيَّة المالكية يرون استحباب الجمعه في الأولى ومخير في الثانية بين بسبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية أو إذا جاءك المنافقون، قال ابن عبد البر: (والقراءة في صلاة الجمعة بعد فاتحة الكتاب بسورة الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية بسبح اسم ربك الأعلى أو هل أتاك حديث الغاشية أو إذا جاءك المنافقون كل ذلك حسن مستحب أو بما شاء ولا ينبغي أن تترك سورة الجمعة إلا من ضرورة ولو قرأ غيرها من غير ضرورة لم تفسد صلاته وقد أساء) ((الكافي)) (1/ 251)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) (2/629)، ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/474). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 38)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/189)، ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص: 117). ، وهو قول الشافعيِّ في القديم قال النوويُّ: (ونصَّ الشافعيُّ في القديم على أنَّه يُستحب أن يقرأ في الأولى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وفي الثانية هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ، وقال الربيع- وهو راوي كتُب الشافعي الجديدة-: سألتُ الشافعيَّ عن ذلك، فذكر أنه يختار الجمعة والمنافقين، ولو قرأ سبِّح وهَلْ أَتَاكَ كان حسنًا) ((المجموع)) (4/531).
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يقرأُ في العِيدينِ وفي الجُمُعة بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ)) رواه مسلم (878).
2- عن سَمُرةَ بنِ جُندُبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال‏:‏ ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرأُ في الجُمُعة بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ)) رواه أبو داود (1125)، والنسائي (1422)، وأحمد (5/13) (20162)، صحَّحه ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (2/53) وقال: ورُوي من وجوهٍ وطرق أخرى، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/480)، والألباني في ((صحيح النسائي)) (1421)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (457). ‏.‏

انظر أيضا: