الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ التاسع: صلاةُ تحيَّةِ المَسجدِ والإمامُ يَخطُب


يُستحَبُّ لِمَن دخَلَ المسجدَ صلاةُ رَكعتينِ تحيَّةَ المسجدِ، حتى لو كانَ الإمامُ يَخطُبُ الجُمُعةَ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/551)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/259). ، والحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/198)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/236). ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلف قال ابنُ قُدامَة: (ومن دخل والإمامُ يَخطُب، لم يجلسْ حتى يركع ركعتين، يُوجِز فيهما) وبهذا قال الحسن، وابنُ عُيَينة، ومكحول، والشافعيُّ، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر) ((المغني)) (2/236). وقال النوويُّ: (في مذاهب العلماء فيمَن دخل المسجد يومَ الجمعة والإمامُ يَخطُب: مذهبُنا أنه يستحبُّ له أن يُصلِّيَ ركعتين تحيةَ المسجد ويُخفِّفهما، ويُكره له تركهما، وبه قال الحسن البصريُّ، ومكحول، والـمَقْبُريُّ، وسفيانُ بن عُيَينة، وأبو ثور، والحُمَيديُّ، وأحمد، وإسحاق، وابنُ المنذر، وداود، وآخرون) ((المجموع)) (4/552). ، وهو مذهب الظاهرية قال النوويُّ: (في مذاهب العلماء فيمَن دخل المسجد يومَ الجمعة والإمامُ يَخطُب: مذهبُنا أنه يستحبُّ له أن يُصلِّيَ ركعتين تحيةَ المسجد ويُخفِّفهما، ويُكره له تركهما، وبه قال الحسن البصريُّ، ومكحول، والـمَقْبُريُّ، وسفيانُ بن عُيَينة، وأبو ثور، والحُمَيديُّ، وأحمد، وإسحاق، وابنُ المنذر، وداود، وآخرون) ((المجموع)) (4/552). وقال ابنُ حزم: (مَن دخل يوم الجمعة والإمامُ يَخطُب، فليصلِّ ركعتين قبل أن يَجلِسَ) ((المحلى)) (3/275). وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ حزم: (فهذه آثارٌ متظاهِرة متواتِرة عن جماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم بأصحِّ أسانيد توجِب العلمَ بأمره صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن جاء يوم الجمعة والإمامُ يخطُب بأنْ يُصلِّي ركعتين، وصلاهما أبو سعيد مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبعده بحضرةِ الصحابةِ لا يُعرف له منهم مخالِفٌ، ولا عليه مُنكِر) ((المحلى)) (3/277). وقال ابنُ حجر: (ولم يَثبُتْ عن أحدٍ من الصحابةِ صريحًا ما يُخالِفُ ذلك) ((فتح الباري)) (2/411) ، وابنِ باز سُئل ابن باز: إذا دخلتُ المسجد والإمامُ يخطب في يوم الجمعة، هل الأفضلُ أن أُصلِّي تحيةَ المسجد، أم أجلسْ للاستماع للخُطبة؟ ج: صلِّ التحيةَ، ثم اجلسْ، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إذا دخَلَ أحدُكم المسجدَ، فلا يجلسْ حتى يُصلِّيَ ركعتين»، ولَمَّا دخل رجل والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُب فجلس، أَمَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يقوم فيُصلي ركعتين؛ وهذا يدلُّ على تأكُّد هاتين الركعتين، وأنه يُصلِّيهما قبل أن يجلسَ، وإنْ كان الإمامُ يخطب؛ فهما متأكِّدتان. ((فتاوى نور على الدرب)) (13/308). , وابنِ عُثيمين قال ابنُ عثيمينَ: (وقد استنبط بعضُ العلماء مِن هذا أنَّ تحيةَ المسجدِ واجبةٌ، ووجهُ الاستنباط أنَّ استماع الخطبة واجبٌ، والاشتغالُ بالصَّلاة يُوجب الانشغالَ عن استماعِ الخطبةِ، ولا يشتغل عن واجبٍ إلا بواجبٍ، وقد ذهب إلى هذا كثيرٌ مِن أهل العلم، ولكن بعد التأمُّل في عدَّة وقائعَ تبيَّن لنا أنَّها سنَّة مؤكَّدة، وليست بواجبة) ((الشرح الممتع)) (5/105). وقال أيضًا: (إنَّ القول بوجوب تحية المسجد قول قويٌّ، ولكن الأقرب القولُ بأنَّها سنَّة مؤكَّدة، والعلم عند الله تعالى) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/354). ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمة قالت اللجنة الدائمة: (إذا دخلت المسجدَ يوم الجُمعة والإمامُ يخطب، فإنَّك تؤدِّي تحية المسجد، وتجلس تَسمعُ الخطبة) ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية)) (7/137).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جاء رجلٌ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ الناسَ، فقال: صليتَ يا فلانُ؟ قال: لا، قال: قُمْ، فارْكَعْ )) رواه البخاري (930)، ومسلم (875).
وفي روايةٍ: ((إذا جاءَ أحدُكم يومَ الجُمُعة، والإمامُ يَخطُبُ، فليركعْ ركعتينِ، ولْيتجوَّزْ فيهما )) رواه مسلم (875).
2- عن أبي قَتادَةَ، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا دَخَلَ أحدُكم المسجدَ، فليركعْ ركعتينِ قَبلَ أن يَجلِسَ )) [6032] رواه البخاري (444)، مسلم (714).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الحديثَ عامٌّ فيدخُلُ فيه ما إذا دخَلَ المسجدَ أثناءَ خُطبةِ الجُمُعةِ ((عمدة القاري)) للعيني (6/234).
ثانيًا: من الآثار
أنَّ أبا سعيدٍ الخدريَّ (دخلَ ومَرْوانُ يَخطُبُ فصلَّى الرَّكعتينِ، فأرادَ حرَسُ مروانَ أن يمنعوهُ فأَبَى حتَّى صلَّاهما، ثمَّ قالَ: ما كنتُ لأَدعَهُما بعدَ أنْ سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمرُ بِهِما) أخرجه الترمذي (511)، والدارمي (1593)، والبخاري في القِراءة خلف الإمام (103)، وابن خزيمة (1799)، والبيهقيُّ في ((السنن الكبرى)) (5693). قال الترمذي (511): حسنٌ صحيحٌ. وقال ابنُ حجر في ((فتح الباري)) ( 2/477): ثابتٌ. وحسَّنه الوادعيُّ في ((الصحيح المسند)) (385)، وحسَّن إسنادَه الألبانيُّ ((التعليق على ابن خزيمة)) (1799).
ثالثًا: أنَّه دَخلَ المسجدَ في غيرِ وقتِ النهيِ عن الصَّلاة؛ فَسُنَّ له الركوعُ ((المغني)) لابن قدامة (2/236).

انظر أيضا: